﴿كُبِتُوا كَما كُبِتَ الذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ﴾ [المجَادلة: 5]
الحمدُ لله وحده.
والصَّلاةُ والسلامُ على مَن لا نَبِيَّ بعدَهُ نبِيِّنَا محمدٍ وعلى آله
وصَحْبِه، وبعدُ:
فقد أدركَ الملِكُ
عبد العزيز آل سعود رحمه الله - بثاقبِ نظَرِهِ وبتوفيقٍ من الله تعالى له - أنَّ
بقاءَ العِلم الشَّرعِيِّ في هذه البلاد المُباركة له أهميَّةٌ كُبْرَى؛ لأنه
الأساسُ الذي قامت عليه الدَّولة، ففكَّرَ في إنشاءِ مُؤسَّسَةٍ علمِيَّةٍ ترعاها
الدَّولَةُ، ويتوَلَّى إدارتَها، ووضْعَ منهاجِها علماءُ البلادِ وعلى رأسِهم
سماحةُ المُفْتِي الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله، فتَمَّت الفكرةُ، وبَرَزَت
للوجودِ بفَتْحِ أوَّلِ معهدٍ عِلمِيٍّ في الرِّياض عام 1371هـ، ثمَّ أمَرَ رحمه
الله بفَتْحِ فروعٍ لهذا المعهدِ في القصيم وفي سدير والوشم، ثُمَّ في عهدِ الملك
سعود وعهد الملك فيصل وعهد الملك خالد وعهد الملك فهد زادَتْ هذه الفروعُ،
وانتشرتْ، وأثْمَرَتْ، وكان مِن ثمراتِها فَتْحُ كُلِّيَّة الشَّرِيعة وكُلِّيَّة
اللُّغَة، ثُمَّ زادَ فتْحُ الكُلِّيَّات، وتطوَّرَتْ إلى جامعةِ باسم جامعة الإمام
محمد بن سُعود الإسلامية، وتخَرَّج فيها أفواجٌ كثيرةُ مِنَ العُلماء ذَوُوا
كفاءاتٍ عالية، توَلَّوْا أرْقَى المناصبِ في القضاءِ والإفتاءِ والدَّعوة
والتَّعلِيم، وكان منهم الوُزراء والقيادات العِلمِيَّة، ﴿فَأَمَّا ٱلزَّبَدُ فَيَذۡهَبُ جُفَآءٗۖ وَأَمَّا مَا يَنفَعُ ٱلنَّاسَ فَيَمۡكُثُ فِي ٱلۡأَرۡضِۚ كَذَٰلِكَ
يَضۡرِبُ ٱللَّهُ ٱلۡأَمۡثَالَ﴾ [الرعد: 17].
إِلاَّ أنَّ هذه
المُؤَسَّسةَ الجليلةَ لمْ تَرْقَ في أعْيُنِ الذين لم يُدْرِكُوا فائِدتَها
فشنُّوا الحربَ ضِدَّها، وسمَّوْها بأسماءٍ مُنَفِّرَة منها: أنَّها دارُ
العَجَزَة، دار الضَّمان الاجتماعِي، دار المطاوعة والمُؤَذِّنِين،
الصفحة 1 / 463
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد