التسامح
إلى أين؟
الحمدُ لله،
والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ نبيِّنا محمدٍ وآلِه وصحبِه ومن وَالاَه، وبعد:
فإنَّ دينَنا مبنيٌّ
على السماحةِ ورفعِ الحَرج. قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «بُعِثْتُ
بِالْحَنِيفِيَّةِ السَّمْحَةِ» ([1]). وقال تعالى: ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيۡكُمۡ
فِي ٱلدِّينِ مِنۡ حَرَجٖۚ﴾ [الحج: 78]، فالتسامحُ ورفعُ الحَرجِ من سِماتِ هذا الدِّينِ العظيم، عكس
ما في الشرائعِ السابقةِ من الآصارِ والأغلالِ التي جعلَها اللهُ على أهلِها بسببِ
تَعنُّتِهم ومخالفتِهم لأوامرِ اللهِ واختلافِهم على أنبيائِهم.
والتسامحُ والتيسيرُ في الشريعةِ الإسلاميةِ يكْمُنان في أوامرِها ونواهِيها وتشريعاتِها وليسا بالتنازلِ عن شيءٍ من أحكامِ الشريعة؛ لأنَّ هذا من المُداهنةِ في دينِ اللهِ وليس من التسامح. قال تعالى: ﴿أَفَبِهَٰذَا ٱلۡحَدِيثِ أَنتُم مُّدۡهِنُونَ﴾ [الواقعة: 81] وقال تعالى ﴿وَدُّواْ لَوۡ تُدۡهِنُ فَيُدۡهِنُونَ﴾ [القلم: 9]، والكفارُ لن يُرضِيهم إلاَّ أنْ نتنازلَ عن دينِنا كلِّه، قال تعالى: ﴿وَلَن تَرۡضَىٰ عَنكَ ٱلۡيَهُودُ وَلَا ٱلنَّصَٰرَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمۡۗ﴾ [البقرة: 120]، وقال تعالى: ﴿وَدُّواْ لَوۡ تَكۡفُرُونَ كَمَا كَفَرُواْ فَتَكُونُونَ سَوَآءٗۖ﴾ [النساء: 89]، والجدالُ معهم بالتي هي أحسنُ أمرٌ مطلوبٌ شرعًا لإقناعِهم بالحقِّ إلاَّ إذا صار الجدالُ معهم لا يُجدِي أو صاروا يقصِدُون به منا التنازلَ عن شيءٍ من دينِنا فحينئذٍ لا نَلينُ معهم حتى يطمعوا بل نُغلِظُ عليهم القولَ حتى ييئسوا من مطلبِهم. قال تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ جَٰهِدِ ٱلۡكُفَّارَ وَٱلۡمُنَٰفِقِينَ وَٱغۡلُظۡ عَلَيۡهِمۡۚ﴾ [التوبة: 73]، وقال تعالى: ﴿وَلَا تُجَٰدِلُوٓاْ أَهۡلَ ٱلۡكِتَٰبِ إِلَّا بِٱلَّتِي هِيَ
الصفحة 1 / 463
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد