أهْلَ زَيْغٍ، وإنَّما هم أهلُ جَهْلٍ وتعالُم
وحَماس جاهِلٍ، وليسُوا مِن الرَّاسِخين في العِلْمِ، ولا يَرْجِعُونَ إلى أهلِ
الرُّسُوخِ في العِلم؛ فيقعون في الهلاكِ، ويُوقعون غيرَهم فيه.
خُذْ مثلاً: في وقتِنا - هؤلاءِ
المُخَرِّبين - الَّذِين روّعوا العبادَ، وأفسَدُوا في البلاد، وصارُوا
يُفَجِّرُونَ المَباني، ويَنْسِفُونها على مَن فيها، ويقتُلُونَ الأنفُسَ الَّتِي
حرّمَ اللهُ قَتْلَها إِمَّا بالإيمانِ، وإمَّا بالعهدِ والأمان، ويستدِلُّونَ
بقولهِ صلى الله عليه وسلم: «أَخْرِجُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى مِنْ
جَزِيرَة الْعَرَبِ» ([1])وَلَمْ يَعْلَمُوا:
أولاً: هذا الخطابُ
لوُلاةِ الأمُورِ، وليسَ هو خطابًا لكُلِّ أحدٍ مِنَ النَّاسِ بِدَليلِ أَنَّ
الصَّحَابَةَ ْ لَم يفْعَلُوا ذلك أفرادًا، وإنَّما الذي قام به عُمرُ بنُ
الخطّابِ الخليفةُ الثَّاني، فدلَّ هذا على: أنَّ هذا الخطابَ يتولَّى
تنفِيذَهُ وَلِيُّ الأمْرِ إذا رَأى المَصْلَحة في ذلِكَ وأمْكَنَهُ تنفِيذُهُ.
ثانيًا: الرَّسولُ صلى الله
عليه وسلم قال: «أَخْرِجُوهُمْ»، ولم يقُلْ: اقتلُوهم، واغْدِرُوا بهم إذا
أمَّنتموهم، بل إن الله سبحانه قال لنبيِّه صلى الله عليه وسلم: ﴿وَإِنۡ أَحَدٞ مِّنَ
ٱلۡمُشۡرِكِينَ ٱسۡتَجَارَكَ فَأَجِرۡهُ حَتَّىٰ يَسۡمَعَ كَلَٰمَ ٱللَّهِ ثُمَّ
أَبۡلِغۡهُ مَأۡمَنَهُۥۚ﴾ [التوبة: 6]، وإبلاغُه مَأْمَنَهُ أن يُوصَلَ إلى بلاده
آمِنًا؛ لأنَّ الإسلامَ دِينُ الوَفاءِ، لا دِينُ الغدْرِ، قال النبيُّ صلى الله
عليه وسلم: «مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا لَمْ يَرَحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ، وإنَّ
رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ سَنَة» ([2])، خرجه في الصحيح.
ثالثًا: إخراجُ اليهودِ والنَّصارَى مِن جزيرةِ العربِ لا يَمْنعُ استِقْدامَهُم لأعمالٍ يقومونَ بها، ثُمّ يرجِعُونَ إلى بلادِهم إذا انتهت مُهِمَّاتُهم
([1])أخرجه: مسلم رقم (1767).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد