×
البيان لأخطاء بعض الكُتَّاب الجزء الثالث

 أهْلَ زَيْغٍ، وإنَّما هم أهلُ جَهْلٍ وتعالُم وحَماس جاهِلٍ، وليسُوا مِن الرَّاسِخين في العِلْمِ، ولا يَرْجِعُونَ إلى أهلِ الرُّسُوخِ في العِلم؛ فيقعون في الهلاكِ، ويُوقعون غيرَهم فيه.

خُذْ مثلاً: في وقتِنا - هؤلاءِ المُخَرِّبين - الَّذِين روّعوا العبادَ، وأفسَدُوا في البلاد، وصارُوا يُفَجِّرُونَ المَباني، ويَنْسِفُونها على مَن فيها، ويقتُلُونَ الأنفُسَ الَّتِي حرّمَ اللهُ قَتْلَها إِمَّا بالإيمانِ، وإمَّا بالعهدِ والأمان، ويستدِلُّونَ بقولهِ صلى الله عليه وسلم: «أَخْرِجُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى مِنْ جَزِيرَة الْعَرَبِ» ([1])وَلَمْ يَعْلَمُوا:

أولاً: هذا الخطابُ لوُلاةِ الأمُورِ، وليسَ هو خطابًا لكُلِّ أحدٍ مِنَ النَّاسِ بِدَليلِ أَنَّ الصَّحَابَةَ ْ لَم يفْعَلُوا ذلك أفرادًا، وإنَّما الذي قام به عُمرُ بنُ الخطّابِ الخليفةُ الثَّاني، فدلَّ هذا على: أنَّ هذا الخطابَ يتولَّى تنفِيذَهُ وَلِيُّ الأمْرِ إذا رَأى المَصْلَحة في ذلِكَ وأمْكَنَهُ تنفِيذُهُ.

ثانيًا: الرَّسولُ صلى الله عليه وسلم قال: «أَخْرِجُوهُمْ»، ولم يقُلْ: اقتلُوهم، واغْدِرُوا بهم إذا أمَّنتموهم، بل إن الله سبحانه قال لنبيِّه صلى الله عليه وسلم: ﴿وَإِنۡ أَحَدٞ مِّنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ ٱسۡتَجَارَكَ فَأَجِرۡهُ حَتَّىٰ يَسۡمَعَ كَلَٰمَ ٱللَّهِ ثُمَّ أَبۡلِغۡهُ مَأۡمَنَهُۥۚ [التوبة: 6]، وإبلاغُه مَأْمَنَهُ أن يُوصَلَ إلى بلاده آمِنًا؛ لأنَّ الإسلامَ دِينُ الوَفاءِ، لا دِينُ الغدْرِ، قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا لَمْ يَرَحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ، وإنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ سَنَة» ([2])، خرجه في الصحيح.

ثالثًا: إخراجُ اليهودِ والنَّصارَى مِن جزيرةِ العربِ لا يَمْنعُ استِقْدامَهُم لأعمالٍ يقومونَ بها، ثُمّ يرجِعُونَ إلى بلادِهم إذا انتهت مُهِمَّاتُهم


الشرح

([1])أخرجه: مسلم رقم (1767).

([2])أخرجه: مسلم رقم (1767).