سُمِّيَتْ فُسوقًا؛ لأنَّها خُروجٌ عنْ طاعةِ
اللهِ، والْفِسْقُ في اللغةِ: هو الخروجُ.
﴿وَلَا جِدَالَ فِي
ٱلۡحَجِّۗ﴾ [البقرة: 197] قيلَ معناهُ: لا جِدالَ في أحكامِ الحجِّ؛ لأنَّها
وَاضِحةٌ مُفَصَّلَةٌ في الكتابِ والسُّنَّةِ، وقيلَ معناهُ: تَرْكُ الجِدالِ وهو
المُخاصَمةُ والمُمَاراةُ الَّتي لا فائدةَ منْ وَرائِها وإنَّما تَشغَلُ عنْ ذكرِ
اللهِ وتُثيرُ الحِقْدَ والبَغضاءَ بينَ النَّاسِ، وأمَّا الجِدالُ لبيانِ الحقِّ
وَرَدَ الباطِلُ فإنَّه مطلوبٌ في الحجِّ وغيرِه لقولِه تَعَالى: ﴿وَجَٰدِلۡهُم بِٱلَّتِي
هِيَ أَحۡسَنُۚ﴾ [النحل: 125]، وقال: ﴿وَمَا تَفۡعَلُواْ مِنۡ خَيۡرٖ يَعۡلَمۡهُ ٱللَّهُۗ﴾ [البقرة: 197]، لمَّا نَهَى عنِ الأشياءِ الَّتي لا
تَتَنَاسَبُ في حقِّ المُحْرمِ والإحرامِ أَمَرَ بِضِدِّها وهو فِعْلُ الخَيْرِ
منَ الأقوالِ والأفعالِ؛ لأنَّ هذا هو الَّلائقُ بالمُحرِمِ، وأخبَرَ أنَّ ما
تَفْعلونَه منَ الخَيْرِ لا يَخْفَى على اللهِ وسَيُجَازِيكُم عليه.
ولمَّا كانَ الحجُّ
يَحتاجُ إلى نَفَقَةٍ قالَ تَعالى: ﴿وَتَزَوَّدُواْ﴾ [البقرة: 197]، أي: خُذوا معكم في سفرِ الحجِّ ما
يَكْفِيكُم منَ الزَّادِ ويُغنيكُم عنِ النَّاسِ، وكانَ قومٌ يَحجُّون بلا زادٍ
ويُسَمُّونَ أنفسَهُم بالمُتَوَكِّلِين ويُصبِحُون عالةً على النَّاسِ، أَمَرَ
اللهُ بالتَّزَوُّدِ لأنَّه لا يُنافي التَّوَكَّلَ على اللهِ؛ ولمَّا أمَرَنا
بالزَّادِ للسَّفرِ الدُّنيويِّ نبَّهَ على التَّزودِ للسَّفرِ الأُخْرَويِّ وذلك
بالأعمالِ الصَّالحةِ؛ لأنَّ الشَّيءَ بالشَّيءِ يُذكَرُ، وأخبَرَ أنَّ الأعمالَ
الصَّالحةَ خيرُ الزَّادِ ليومِ المَعادِ، ثمَّ أمَرَ بتَقْواهُ فقالَ: ﴿وَٱتَّقُونِ يَٰٓأُوْلِي
ٱلۡأَلۡبَٰبِ﴾ [البقرة: 197]، أي: اتخِذُوا وِقايةً تَقِيكُم غَضِبي وعِقَابي وذلكَ
بفعلِ الطَّاعاتِ وتَرْكِ المُحرَّماتِ، وأُولوا الأْلباِب هُم أصْحابُ العُقُولِ؛
وخَصَّهُم بالنِّداءِ لأَّنهم هُمُ الَّذينَ يُفَكِّرُون في العَواقبِ
ويَسْتَعِدُّون لَها بِما يُنَاسِبُها بخلافِ الهَمَجِ وضِعافِ العُقولِ الَّذينَ
لا يُفكِّرونَ في العاقبةِ
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد