وهلْ هؤلاءِ
يُحِبُّونَ الرَّسُولَ صلى الله عليه وسلم أكثرَ مِن محَبَّةِ صَحابَتِهِ لَهُ،
وأكثرَ مِن مَحبَّةِ القُرونِ الأربعةِ المُفَضَّلَةِ لَهُ صلى الله عليه وسلم،
ولِماذا خلَتْ هذه القُرُون، ولم يُعمَل فيها هذا الاحتفالُ بالمَوْلِد؟ هل هذا
لِنُقْصانِ محَبَّةِ السَّلَفِ لِرسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم ؟ حاشَا وكلاَّ؛
بلْ هُوَ الاتِّبَاعُ وتَرْكُ الابتداعِ.
إنَّ شَهْرَ رَبيعٍ
الأوَّلَ لا خُصوصِيَّةَ له بينَ الشُّهورِ، ولا لِيَوْمٍ مِن أيَّامِهِ
خُصُوصِيَّةٌ على سائرِ الأيَّامِ إلاَّ عِند المُبْتَدِعة، وإنَّ التَّنْوِيهَ
بالمولدِ لم يأتِ في كتابِ اللهِ ولا في سُنَّةِ رَسُول الله، وإنَّما جاءَ
التنويهُ بالبَعْثَةِ، قالَ تعالى: ﴿لَقَدۡ مَنَّ ٱللَّهُ عَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِينَ إِذۡ بَعَثَ فِيهِمۡ رَسُولٗا مِّنۡ أَنفُسِهِمۡ﴾[آل عمران: 164]، ﴿هُوَ ٱلَّذِي بَعَثَ فِي ٱلۡأُمِّيِّۧنَ رَسُولٗا مِّنۡهُمۡ يَتۡلُواْ
عَلَيۡهِمۡ ءَايَٰتِهِۦ﴾ [الجمعة: 2]، وإنَّما التعلُّقُ بالمَوْلِد وإحياؤه من
سُنَّةِ النَّصارَى الذين ابتدعُوا إحياءَ مُناسَبةِ مَوْلِدِ المسيحِ، فقلَّدَهُم
بعضُ المُسلمينَ مَع أنَّ الرَّسُولَ صلى الله عليه وسلم نَهانا عن التَّشَبُّهِ
بِهم في ذلك وفي غيرِه فقال: «لاَ تُطْرُونِي كَمَا أَطْرَتِ النَّصَارَى ابْنَ
مَرْيَمَ» ([1])، وقال: «مَنْ
تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ» ([2])، فهو صلى الله عليه
وسلم لا يرْضَى بالبِدَع والمُحْدَثات، ويكْفِيهِ ما شرَعَهُ اللهُ مِن رَفْعِ
ذِكْرِه في الأذانِ والإمامةِ والخُطَب والأمرِ بالصَّلاةِ والسَّلامِ عليه كُلَّ
وَقْتٍ.
نسألُ اللهَ أن يَرْزُقَنَا مَحَبَّتَهُ وطاعَتَهُ واتِّباعَهُ.
وصلَّى الله وسلَّم على نبيِّنَا محمد وآله وصَحْبِه.
*****
([1])أخرجه: البخاري رقم (3445).
الصفحة 2 / 463
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد