×
البيان لأخطاء بعض الكُتَّاب الجزء الثالث

وَلَا يَجۡرِمَنَّكُمۡ شَنَ‍َٔانُ قَوۡمٍ عَلَى أَلَّا تَعۡدِلُواْ [المائدة: 8].

وكَوْنُ هؤلاءِ المُتطرِّفينَ الجهَّالِ حَصَلَ منهم ما حَصَلَ ليسَ حُجَّةً على الإسْلامِ؛ لأنَّهم أَخَذُوا بطرفٍ من النُّصوصِ وتَرَكوا الطَّرفَ الآخَرِ شأنُهم شأْنُ الَّذينَ في قلوبِهم زيغٌ فأخَذوا بالمُتشابِه وتَركوا المُحْكَمَ، بل إنَّ هؤلاءِ الَّذين يُنادونَ بإلغاءِ الوَلاءِ والبَراءِ هم مِثْلُ أولئكَ، أَخَذوا بطَرَفٍ منَ الأدلَّةِ وتَركوا الطَّرَفَ الآخرَ.

وطريقةُ الرَّاسخينَ في العِلْمِ: هي الجَمْعُ بينَ الأدلَّةِ والأَخْذُ بالكلِّ قائلينَ: ﴿كُلّٞ مِّنۡ عِندِ رَبِّنَاۗ [آل عمران: 7]، وإنَّ ما حصلَ وتكرَّرَ منَ الكفَّارِ الآنَ منْ سُوءِ التَّعامُلِ مع المسلمينَ الأَسْرى وغيرِ الأَسْرى في البوسنةِ والهرسِكِ وفي سِجْنِ «أبو غريب» وفي سِجْنٍ «جوانتانامو» منَ التَّعذيبِ، بلِ استطالَ شرُّهُم وامتَدَّتْ أيديهم إلى القرآنِ الكريمِ فدنَّسُوه وأَهانُوه كما نُشِرَ ذلك في صُحُفِهم، وهذا مِصْدَاقُ قوْلِ اللهِ تعالى: ﴿إِن يَثۡقَفُوكُمۡ يَكُونُواْ لَكُمۡ أَعۡدَآءٗ وَيَبۡسُطُوٓاْ إِلَيۡكُمۡ أَيۡدِيَهُمۡ وَأَلۡسِنَتَهُم بِٱلسُّوٓءِ وَوَدُّواْ لَوۡ تَكۡفُرُونَ [الممتحنة: 2].

في حينِ أنَّ اللهَ سُبحانَه وَصَفَ المؤمنينَ فقال: ﴿وَيُطۡعِمُونَ ٱلطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِۦ مِسۡكِينٗا وَيَتِيمٗا وَأَسِيرًا [الإنسان: 8]، فلن يُعامِلُوا أَسْرى المسلمينَ بمِثْلِ مُعاملةَ المسلمينَ لأَسْرَاهم، وما حصَلَ من الكفَّارِ الآنَ هو امتدادٌ لمَا ذَكَره اللهُ عنهم في قولِه: ﴿وَإِذَا نَادَيۡتُمۡ إِلَى ٱلصَّلَوٰةِ ٱتَّخَذُوهَا هُزُوٗا وَلَعِبٗاۚ [المائدة: 58]. فكيف يُسَوَّغُ لهؤلاءِ المَخدوعينَ منَّا أنْ يَدعوا إلى مُوَادَّتِهم وعدمِ الكُرْهِ لهم وهم يُظهِرونَ عَدَاوتَنا وعَدَاوَةَ دِينِنا وعداوةَ كتابِ ربِّنا ﴿وَمَا تُخۡفِي صُدُورُهُمۡ أَكۡبَرُۚ [آل عمران: 118]، [التوبة: 8]، ﴿وَإِذَا خَلَوۡاْ عَضُّواْ عَلَيۡكُمُ ٱلۡأَنَامِلَ مِنَ ٱلۡغَيۡظِۚ [آل عمران: 119].


الشرح