×
البيان لأخطاء بعض الكُتَّاب الجزء الثالث

ومن قالَ: إن أحدًا يَسَعُهُ الخروجُ عن دِين محمد صلى الله عليه وسلم كما وَسِعَ الخِضْر الخروجُ عن شريعةِ موسى. فهو كافر، قال تعالى: ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤۡمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيۡنَهُمۡ ثُمَّ لَا يَجِدُواْ فِيٓ أَنفُسِهِمۡ حَرَجٗا مِّمَّا قَضَيۡتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسۡلِيمٗا [النساء: 65]، وليس المُرادُ التحكيمَ في الخصوماتِ في الأموال والحقوقِ فقط، وإنَّما هذا عامٌّ في تحْكِيمِه فِي كُلِّ خِلافٍ ولا سِيَّمَا في العقيدةِ. وَبَعْضُ الناس يقُول: لا يُقْصَرُ الناسُ على قولٍ واحد، بل كُلٌّ لهُ وِجْهةُ نَظَرِهِ وحُرِّيَّةُ رأيِه، ونقولُ: بلْ يُقْصَرُ الناسُ على دِين محمد صلى الله عليه وسلم وعلى قولِ الله ورسولِه، قال تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤۡمِنٖ وَلَا مُؤۡمِنَةٍ إِذَا قَضَى ٱللَّهُ وَرَسُولُهُۥٓ أَمۡرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ ٱلۡخِيَرَةُ مِنۡ أَمۡرِهِمۡۗ وَمَن يَعۡصِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ فَقَدۡ ضَلَّ ضَلَٰلٗا مُّبِينٗا [الأحزاب: 36]، نعم الخلاف يقع، وتلك طبيعة البشر كما قال تعالى: ﴿وَلَوۡ شَآءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ ٱلنَّاسَ أُمَّةٗ وَٰحِدَةٗۖ وَلَا يَزَالُونَ مُخۡتَلِفِينَ ١١٨ إِلَّا مَن رَّحِمَ رَبُّكَۚ وَلِذَٰلِكَ خَلَقَهُمۡۗ وَتَمَّتۡ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمۡلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ ٱلۡجِنَّةِ وَٱلنَّاسِ أَجۡمَعِينَ [هود: 118، 119]، ولكنَّ الواجبَ على المُخْتَلِفين رَدّ خِلاَفِهم ونِزَاعِهم إلى كِتاب الله وسُنَّةِ رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم، كما قال تعالى: ﴿فَإِن تَنَٰزَعۡتُمۡ فِي شَيۡءٖ فَرُدُّوهُ إِلَى ٱللَّهِ وَٱلرَّسُولِ [النساء: 59].

وكما قال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْه فَهُوَ رَدٌّ» ([1])، وفي رواية: «مَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ» ([2])، وهذا أحدُ شرطَي قَبولِ العمل.

والشرط الثاني، وهو الأساس: الإخلاصُ للهِ في العمل بأن لا يكونَ فيه شِرْكٌ، كما قال تعالى: ﴿وَٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ وَلَا تُشۡرِكُواْ بِهِۦ شَيۡ‍ٔٗاۖ [النساء: 36]، وقال تعالى: ﴿إِنَّهُۥ مَن يُشۡرِكۡ بِٱللَّهِ فَقَدۡ حَرَّمَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِ


الشرح

([1])أخرجه: البخاري رقم (2697)، ومسلم رقم (1718).

([2])أخرجه: مسلم رقم (1718).