ومن قالَ: إن أحدًا يَسَعُهُ
الخروجُ عن دِين محمد صلى الله عليه وسلم كما وَسِعَ الخِضْر الخروجُ عن شريعةِ
موسى. فهو كافر، قال تعالى: ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤۡمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ
بَيۡنَهُمۡ ثُمَّ لَا يَجِدُواْ فِيٓ أَنفُسِهِمۡ حَرَجٗا مِّمَّا قَضَيۡتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسۡلِيمٗا﴾ [النساء: 65]، وليس المُرادُ التحكيمَ في الخصوماتِ في الأموال والحقوقِ
فقط، وإنَّما هذا عامٌّ في تحْكِيمِه فِي كُلِّ خِلافٍ ولا سِيَّمَا في العقيدةِ. وَبَعْضُ
الناس يقُول: لا يُقْصَرُ الناسُ على قولٍ واحد، بل كُلٌّ لهُ وِجْهةُ
نَظَرِهِ وحُرِّيَّةُ رأيِه، ونقولُ: بلْ يُقْصَرُ الناسُ على دِين محمد صلى الله
عليه وسلم وعلى قولِ الله ورسولِه، قال تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤۡمِنٖ وَلَا مُؤۡمِنَةٍ إِذَا قَضَى ٱللَّهُ وَرَسُولُهُۥٓ أَمۡرًا أَن
يَكُونَ لَهُمُ ٱلۡخِيَرَةُ مِنۡ أَمۡرِهِمۡۗ وَمَن يَعۡصِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ
فَقَدۡ ضَلَّ ضَلَٰلٗا مُّبِينٗا﴾ [الأحزاب: 36]، نعم الخلاف يقع، وتلك طبيعة البشر كما قال تعالى: ﴿وَلَوۡ شَآءَ رَبُّكَ
لَجَعَلَ ٱلنَّاسَ أُمَّةٗ وَٰحِدَةٗۖ وَلَا يَزَالُونَ مُخۡتَلِفِينَ ١١٨ إِلَّا
مَن رَّحِمَ رَبُّكَۚ وَلِذَٰلِكَ خَلَقَهُمۡۗ وَتَمَّتۡ كَلِمَةُ رَبِّكَ
لَأَمۡلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ ٱلۡجِنَّةِ وَٱلنَّاسِ أَجۡمَعِينَ﴾ [هود: 118، 119]،
ولكنَّ الواجبَ على المُخْتَلِفين رَدّ خِلاَفِهم ونِزَاعِهم إلى كِتاب الله
وسُنَّةِ رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم، كما قال تعالى: ﴿فَإِن تَنَٰزَعۡتُمۡ فِي شَيۡءٖ فَرُدُّوهُ إِلَى ٱللَّهِ وَٱلرَّسُولِ﴾ [النساء: 59].
وكما قال صلى الله عليه وسلم:
«مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْه فَهُوَ رَدٌّ» ([1])، وفي رواية: «مَنْ
عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ» ([2])، وهذا أحدُ شرطَي
قَبولِ العمل.
والشرط الثاني، وهو الأساس: الإخلاصُ للهِ في العمل بأن لا يكونَ فيه شِرْكٌ، كما قال تعالى: ﴿وَٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ وَلَا تُشۡرِكُواْ بِهِۦ شَيۡٔٗاۖ﴾ [النساء: 36]، وقال تعالى: ﴿إِنَّهُۥ مَن يُشۡرِكۡ بِٱللَّهِ فَقَدۡ حَرَّمَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِ
([1])أخرجه: البخاري رقم (2697)، ومسلم رقم (1718).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد