الأحياءِ
المَسْكُونةِ لأجلِ هذا الغرَضِ، وإذا انتقلَ السُّكَّانُ، ولمْ يَبْقَ مَن
يُصَلِّي فإنَّها قد تعطَّلَتْ منافِعُها فلا حاجةَ لبقائِها والعنايةِ بها.
وقد ذَكَرَ
الفُقَهاءُ أنَّ الأوقافَ ومِنها المساجِدُ إذا تعطّلَتْ مَنافِعُها فإِنَّها
تُباعُ أرْضُها وآلتُها، ويُصْرَفُ ثَمَنُها في مِثْلِها مِنَ المَساجِد التي
يُصَلَّى فِيها؛ لأنَّ في بقائِها والعناية بها - مَعَ عدمِ الحاجةِ إليها - نوعًا
من العَبَثِ وصَرْفًا للأموالِ في غيرِ فائدةٍ، بل رُبَّمَا يَكُونُ ذلِكَ سببًا
للغُلُوِّ فيها بالتبرُّكِ واعتقادِ أن فيها خاصيةً، ويحصُلُ بسببِها خللٌ في
العقيدة.
والمساجدُ السبعة
المذكورةُ لا يُحتاج إلى بقائِها؛ لأنّها لا تُقام فيها الجمعةُ ولا الجماعة
لعَدَمِ صلاحِيَّتِها لذلك؛ لكونها مُعَلَّقَةً في الجبلِ ومُتقارِبَة وضَيِّقَة،
والقولُ بأنها كانتْ مصليَّات للصحابةِ في غزوةِ الخندق قولٌ يعوزُه الدَّلِيلُ،
ثُمَّ لوْ ثَبَتَ ذلكَ لم يقتَضِ بقاءَها مِن غيْرِ حاجةٍ إليها للجمعة والجماعة،
وكوْنها مساجد أثريّة كما يُقالُ لا يُسَوَّغُ بقاؤُها والعنايةُ بِها، فالرسُولُ
صلى الله عليه وسلم والصحابةُ صَلَّوْا في أماكِنَ كثيرةٍ أثناءَ الغَزَوات وفي
الأسفارِ، ولم يأمرِ النبيُّ صلى الله عليه وسلم أن تُتَّخَذَ تلك الأماكنُ
مَساجِدَ، ولمْ يفعَلْ ذلِكَ الصَّحابَةُ، فَمَا الذِي يَخُصُّ هذه المساجِدَ
السَّبْعة دون غيرِها؟!
إِنَّني أرجُو مِن
الدُّكْتُور عائِض - حَفِظهُ اللهُ - أن يُعِيدَ النَّظَرَ فِيما قال، فالرُّجُوعُ
إلى الحقِّ فضيلةٌ، وهو المُؤَمَّلُ مِن مِثْلِه - وَفَّقَهُ الله - والخليفةُ
الرَّاشِدُ عُمَرُ بْنُ الخطَّاب رضي الله عنه قطَعَ الشَّجَرَةَ التي وقعَتْ
تحتها بَيعَةُ الرِّضوان لَمَّا رأى النَّاسَ يذهبُونَ إليها للتَبَرُّكِ بِهَا.
هذا ما أردتُ
التنبيهَ عليه، وَفّقَ اللهُ الجميعَ لمعرفة الحقِّ والعمل به.
وصلَّى الله وسلَّم
على نبيِّنَا محمد وآله وصحبه.
*****
الصفحة 2 / 463
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد