والمُحافظةُ عليها، كالمساجدِ القديمةِ التي ليس
لها سُكَّانٌ، وتعَطَّلتْ منافِعُها، وهناك فئاتٌ تُطالب ببقائِها وترْمِيمِها،
ويُسَمُّونها المساجدَ الأثريَّةَ مع أن هذا العملَ يُؤدِّي إلى تعلُّقِ
الجُهَّالِ بالتبرُّكِ بها والدُّعاءِ والصَّلاةِ فيها؛ ظنًا منهم أنَّ ذلك
ينفعُهم، ويدْفعُ عنهم الضَّرَرَ، ويَجْلِبُ لهمُ النَّفْعَ، وهو بلا شَكٍّ مِن
أعظمِ وسائلِ الشَّرْكِ. ولمَّا رأى أميرُ المؤمنينَ عمرُ بنُ الخطَّابِ رضي الله
عنه قومًا يخْتَلِفُونَ إلى الشجرةِ التي وقعتْ تحتها بيْعَةُ الرِّضْوان في
الحُدَيْبِيَّةِ أمرَ بِقَطْعِها سَدًّا لِذَريعةِ الشِّرْكِ، وقال: «إنَّما
أهلكَ مَن كان قبلكم تَتَبُّعُهم لآثارِ أنبيائِهم».
ولمَّا فتحَ
المسلمونَ بِلادَ تستر في المشرقِ وجدُوا سَريرًا عليه مَيِّتٌ يزْعُمون أنه
دَانْيال النبيُّ، وكانوا يتبَرَّكُون به، ويستَسْقُونَ به المَطَرَ، فأمرَ
الخليفةُ رضي الله عنه بأن يُحْفَر ثلاثةَ عَشَرَ قَبرًا في المقبرةِ، ويُدْفَن
ليلاً في واحدٍ مِنها؛ حتَّى يخْفَى على النَّاسِ مكانُ قبْرِهِ؛ ليَسُدَّ عليهم
وَسِيلةَ الشِّرْكِ بالتعَلُّقِ بهذا القبْرِ والتبَرُّكِ به، كما هو الحاصلُ
الآنَ مع قُبور الأولياءِ والصَّالِحين.
ومِن ذلك: نهْيُ النبيِّ صلى
الله عليه وسلم عنِ الصَّلاةِ عِند طُلُوعِ الشَّمْسِ وعِند غُروبِها؛ لأنَّ
المُشركين يسجُدون لها في هذينِ الوَقْتيْنِ؛ فنَهَى عن الصَّلاةِ فِيهما لِمَنْعِ
التَشبُّهِ بالمُشركينَ وسَدًّا ومنعًا منه لذريعةِ الشِّرْكِ. فصلَّى اللهُ
وسلَّمَ على هذا النبيِّ الكريمِ الذي حَمَى حِمَى التَّوْحِيد، وسَدَّ كُلَّ
الوسائلِ المُفْضِية إلى الشِّرْكِ.
ومِن ذلك: نهْيُهُ صلى الله
عليه وسلم عن التَّصويرِ وتعليق الصُّوَر ونَصْبِها تماثيلَ وتَعلِيقِها؛ لأنَّ
ذلك سَبَبٌ للشِّرْكِ كما حصلَ لقوم نُوحٍ مع صُوَرِ الصَّالِحينَ، ولليهُودِ معَ
صُورةِ العِجْل، وقومِ إبْراهيمَ،
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد