×
البيان لأخطاء بعض الكُتَّاب الجزء الثالث

ووسائِله والنهي عن البِدَعِ والمُحدَثات.

إنّ هذه الأمورَ التي ذكرَها يماني، وإن كانت خطيرةً فهي أقلُّ ضرَرًا مِن خللِ العقيدةِ، لكن اليماني يقولُ: مِثْلُ هذه المناقشات لا تُفيدُ المُسلمينَ في شيءٍ.

وأقولُ: إذا كانت لا تُفيدُه هو فلا يَحْكُم على عُمومِ المسلمين الذين يعتَبِرُون العقيدةَ أهمَّ شيءٍ عندهم.

ثم يقولُ اليماني حولَ قبْرِ الرَّسُول صلى الله عليه وسلم: مَرَّ على قَبْرِ النبِيِّ صلى الله عليه وسلم حوالَيْ ألف سنة -يعني: هو في مكان - والناسُ يزورونَهُ...» إلخ ما قال.

وأنا أقولُ: أنا لم أُنْكِرْ مكانَ قبْرِ النبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وأنه دُفِنَ في بيتِهِ في حُجْرَةِ عائشةَ رضي الله عنها، دَفَنَهُ فيها أصحابُهُ حمايةً له مِن الغُلُوِّ الذي حَصَلَ للأُمَمِ السَّابِقَةِ مع قبورِ أنبيائِها مِمَّا حذَّرَ منه النبيُّ صلى الله عليه وسلم، قالت عائشةُ رضي الله عنها: «وَلَوْلاَ ذَلكَ لَأُبْرِزَ قَبْرُهُ، غَيْرَ أَنَّهُ خشِيَ أَنْ يُتَّخَذَ مَسْجِدًا» ([1]). وكانت حُجرةُ عائشةَ رضي الله عنها خارجَ المسجدِ مِنَ الجهةِ الشَّرقِيّةِ، وبَقِيتْ كذلِكَ إلى أن أدْخلَها الوليدُ بنُ عبدِ الملك بِقُوَّةِ السُّلْطانِ لا بِقُوَّةِ الحُجَّةِ ولا بِمَشُورَةِ أهلِ العِلْمِ كما هو مذكورٌ في كُتُبِ أهْلِ العِلْمِ.

ثم يقول اليماني: إنَّ الأُمَّةَ في المَشرقِ والمغربِ ما زالوا يَزُورُونَ قبْرَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم.

وأقولُ: وأنا - والحمدُ لله - أزورُ قبْرَه صلى الله عليه وسلم إذا قدِمتُ المدينةَ؛ أزورُه للسّلام عليه وعلى صحابَتِه الزيارةَ الشَّرْعِيَّة، فلم أُنْكِرِ الزيارةَ لِمَنْ كانَ في المدينةِ، وإنَّما أُنْكِرُ السَّفَرَ بِقَصدِ زيارة القُبورِ سواء قبْر النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم


الشرح

([1])أخرجه: البخاري رقم (435)، ومسلم رقم (531).