صحيحًا صريحًا في
منْعِ السَّفَرِ لزيارةِ القُبورِ، وما مثله إلاَّ كما قال الشَّاعِرُ:
كالعِيسِ فِي
البَيْدَاءِ يَقْتُلُها الظَّمَأ *** والمَاءُ فوْقَ ظُهُورِها مَحْمُولُ
ثُمَّ إِنَّ الذي
يُطالِبُ بالدَّلِيلِ هو الذي يقولُ بِمشروعِيَّةِ السَّفَرِ لِزيارةِ القُبورِ؛
لأنَّ الأصلَ في العباداتِ التَّوْقِيفُ والمَنْعُ، فلا يُشْرَعُ مِنها شيءٌ إلاَّ
بدليلٍ؛ فهو المُطالَبُ بالدّلِيل، وقد رأى عليُّ بْنُ الحُسيْنِ رحمه الله رجلاً
يأتي إلى فُرْجَةٍ عندَ قبْرِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم ويقفُ عندها، فنهاهُ
عنْ ذلك، وقال لَهُ: ألاَ أُحَدِّثُكَ حَدِيثًا حدثني أَبِي عن جَدِّي صلى الله
عليه وسلم أنه قالَ: «لاَ تَجْعَلُوا قَبْرِي عِيدًا وَلا بُيُوتَكُمْ قُبُورًا
وَصَلُّوا عليَّ؛ فإِنَّ صَلاَتَكُمْ تَبْلُغُنِي حيْثُ كُنْتُمْ» ([1])، ثُمّ قالَ
للرَّجُلِ: ما أنتَ ومَنْ بالأندلسِ إلاَّ سواء.
فإن كان القصدُ مِن السَّفَرِ لزيارةِ قبْرِهِ صلى الله عليه وسلم فهذا لا يحتاجُ إلى السَّفَرِ؛ لأنَّ السَّلامَ يبْلُغُه مِمَّن سلَّمَ عليه في أيِّ مكان، وإذا كان القصدُ مِنَ السَّفَرِ لزيارة قَبْرِهِ صلى الله عليه وسلم طلَبُ الحوائجِ مِنه ودُعاؤُهُ مِن دون الله فهذا شِرْكٌ، وما كانَ وسيلةً إلى الشِّرْكِ فهو حَرامٌ، نعَمْ مَن كان أتى المدينةَ قادِمًا من سفرٍ عاديّ لغير زيارةِ القبرِ فإنه يُسْتَحَبُّ له أن يَزُورَ قبْرَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ويُسَلِّمَ عليهِ كما كان الصحابةُ يفعلونَ ذلك عند قُدومِهم مِن السَّفر، ولا يُكَرِّرُونَ ذلك كُلَّما دَخلُوا المسجدَ، وإنَّما يفعلونه مرةً واحدةً حينما يَقْدَمُونَ مِنَ السَّفَرِ؛ لقولهِ صلى الله عليه وسلم: «لاَ تَجْعلُوا قَبْرِي عِيْدًا» ([2])، أي تعتادونَ التَّرَدُّدَ عليهِ والاجتماعَ حولَهُ.
([1])أخرجه: المقدسي في المختارة رقم (428).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد