القولُ بعَدَمِ
تخطئةِ المُخالِف
الحمدُ لله ربّ
العالمين. والصّلاةُ والسّلامُ على نبيِّنا محمد وآله وصحْبِه، وبعدُ:
فقد كَثُرَ على
ألسنةِ بعضِ الكُتَّاب أنّه لا يجوزُ تخْطِئَةُ المُخالِف، وأنّهُ يجِبُ احتِرَامُ
الرَّأْيِ الآخَرِ، وأنهُ لا يجوزُ الجزْمُ بأنَّ الصَّوابَ مع أحد المُخْتَلِفين
دُونَ الآخر.
وهذا القولُ ليس على
إطلاقه؛ لأنه يلزَمُ عليه أن جميعَ الفِرَقِ المُخالِفة لأهلِ السُّنَّةِ
والجماعةِ على صوابٍ، ولا تجوزُ تخطِئَتُها، وهذا تضليلٌ؛ لأنهُ يُخالِفُ قولَ
النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «وَسَتَفْتَرِقُ هَذِهِ الأُْمَّةُ عَلَى
ثَلاَثٍ وَسَبْعِيْنَ فِرْقَةً؛ كُلُّهَا فِي النَّارِ إلاَّ وَاحِدَةً» قِيل:
مَنْ هِيَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «هُمْ مَنْ كَانَ عَلَى مِثْلِ مَا أَنَا
عَلَيْهِ الْيَومَ وَأَصْحَابِي»([1]).
ويلْزَمُ على هذا القولِ أيضًا: أنَّ المخالِفَ للدَّلِيل في مسائل الاجتهاد لا يُقال له: مُخْطِئ، ولا يُرَدُّ عليه، وهذا يُخالِفٌ قولَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا اجْتَهَدَ الْحَاكِمُ فَأَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ، وَإِذَا اجْتَهَدَ فَأَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ وَاحِدٌ» ([2])، فدَلَّ على أن أحَدَ المجتهدين المختلفين مخطئ لكن له أجرٌ على اجتهادِه ولا يُتابَع عليه؛ لأنَّهُ خالفَ اجتهادُهُ الدَّلِيلَ، وإنَّما يَصِحُّ اعتبارُ هذا القولِ، وهو عَدَمُ الجزْمِ بتخطِئَة المُخالف في المسائلِ الاجتهاديَّةِ التي لم يُتَبَيَّنْ فيها الدَّليلُ مع أحدِ المُخْتَلِفَيْنِ، وهو ما يُعَبَّرُ عنه بقولهم: «لا إنكارَ في مسائلِ الاجتهاد»، «الاجتهاد لا يُنقَضُ
([1])أخرجه: الترمذي رقم (2641).
الصفحة 1 / 463
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد