أمَّا إِنْ كان
المرادُ بإصلاحِ الخِطابِ الدِّينِيّ: تغييرَ الغلَطِ الذي
يَحلُّ مِن بعضِ المُسلمين في أسلوبِ الدَّعوة إلى اللهِ وفي الاعتداءِ على
النّاسِ والغدْرِ في العهدِ والأمانِ مع الكُفّار اللذين يكونون بينَ المسلمين،
فهذا الأسلوبُ ليس هو الخطابَ الدِّينِيَّ؛ لأن الله يقول: ﴿ٱدۡعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِٱلۡحِكۡمَةِ وَٱلۡمَوۡعِظَةِ
ٱلۡحَسَنَةِۖ وَجَٰدِلۡهُم بِٱلَّتِي هِيَ أَحۡسَنُۚ﴾ [النحل: 125]،
ويقول لموسى وهارون عليهما السلام في مخاطبتهما لِفِرْعَون: ﴿فَقُولَا لَهُۥ قَوۡلٗا لَّيِّنٗا لَّعَلَّهُۥ يَتَذَكَّرُ أَوۡ يَخۡشَىٰ﴾ [طه: 44] ويقول جل
وعلا: ﴿وَقُولُواْ
لِلنَّاسِ حُسۡنٗا﴾ [البقرة: 83]، فالذي يُخالِفُ هذا التوجُّه الإلهِيّ في أسلوبهِ مع النّاس
لا يُسَمَّى خطابُه هذا: الخطابَ الدِّينِيّ، وإنما هذا خطابه هو.
وإنما الخطابُ
الدِّينِيّ: وَضْعُ الأمور في مواضِعها، وتسميةُ الأشياءِ بأسمائِها، والتمييز بين
أولياءِ الله وأعداءِ الله، وإنزال النَّاسِ منازِلَهم، وتسميةُ المسلم مُسلمًا،
والمنافق مُنافقًا، والكافر كافرًا، والعاصي عاصِيًا أو فاسِقًا، والتعامل مع
كُلٍّ بِما يليقُ بهِ مِن غيرِ ظُلْمٍ ولا عُدْوانٍ ولا غُلُوٍّ، ويجبُ تقسيمُ
الكُفّار إلى مُحارِب ومُعاهَد ومُسْتَأمَن وإِعْطاء كُلٍّ حُكْمَهُ الشَّرْعِيّ
مِن غيْرِ مُحاباة لأحد، ولا تنازل عن شيءٍ من أحكامِ الدِّينِ طاعةً للكُفّار
والمُنافِقين.
قال تعالى: ﴿فَلَا تُطِعِ
ٱلۡمُكَذِّبِينَ ٨ وَدُّواْ لَوۡ تُدۡهِنُ
فَيُدۡهِنُونَ﴾ [القلم: 8، 9]، وقال تعالى: ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَٰهَدُواْ بِأَمۡوَٰلِهِمۡ
وَأَنفُسِهِمۡ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱلَّذِينَ ءَاوَواْ وَّنَصَرُوٓاْ
أُوْلَٰٓئِكَ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِيَآءُ بَعۡضٖۚ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَلَمۡ يُهَاجِرُواْ مَا لَكُم مِّن
وَلَٰيَتِهِم مِّن شَيۡءٍ حَتَّىٰ يُهَاجِرُواْۚ وَإِنِ ٱسۡتَنصَرُوكُمۡ فِي
ٱلدِّينِ فَعَلَيۡكُمُ ٱلنَّصۡرُ إِلَّا عَلَىٰ قَوۡمِۢ بَيۡنَكُمۡ وَبَيۡنَهُم
مِّيثَٰقٞۗ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِيرٞ ٧٢ وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بَعۡضُهُمۡ
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد