×
البيان لأخطاء بعض الكُتَّاب الجزء الثالث

بَعۡدَ إِذۡ هَدَيۡتَنَا [آل عمران: 8]، ولاشكَّ أن هذه الشُّبُهاتِ يجبُ أن تُعْرَض على أهلِ العِلْم؛ ليَكْشِفُوا زَيْفها، ويُبَيِّنُوا بُطلانها؛ حتى يسْلَمَ المسلمونَ مِن شَرِّها وشَرِّ أهلِها، ولا تُعْرَض على الجُهَّالِ وأنصافِ المُتعَلِّمِينَ أو تُعْرَض على علماءِ الضَّلال، فإن هؤلاءِ لا يَزِيدُونها إلاَّ شَرًّا.

ونحنُ الآنَ في فِتَن عارمة استهوت كثيرًا مِن شبابِ المُسلمين، فنتَجَ عنها التخريبُ في بلادِ المسلمينَ، وقتْلُ الأبرياءِ من المسلمين والمستأمَنِين، وإتلافُ الأموال والمُمْتَلَكات، وقد قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ» ([1])، وقال: «كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ، دَمُهُ، وَمَالُهُ، وَعِرْضُهُ» ([2])، ودماءُ المُستَأمَنِينَ من الكُفَّارِ وأموالُهُم كدِماء المُسلمين وأموالهِم؛ فلا يجوزُ قتْلُ المُسْتأمن عَمْدًا، وإن قُتِلَ خَطَأً فإنه على القاتلِ الدِّيَةَ والكَفَّارَةَ، قال صلى الله عليه وسلم في قتلِه عمْدًا: «مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا لَمْ يَرَحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ» ([3])، وقال تعالى في قتلِه خطأ: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤۡمِنٍ أَن يَقۡتُلَ مُؤۡمِنًا إِلَّا خَطَ‍ٔٗاۚ وَمَن قَتَلَ مُؤۡمِنًا خَطَ‍ٔٗا فَتَحۡرِيرُ رَقَبَةٖ مُّؤۡمِنَةٖ وَدِيَةٞ مُّسَلَّمَةٌ إِلَىٰٓ أَهۡلِهِۦٓ إِلَّآ أَن يَصَّدَّقُواْۚ فَإِن كَانَ مِن قَوۡمٍ عَدُوّٖ لَّكُمۡ وَهُوَ مُؤۡمِنٞ فَتَحۡرِيرُ رَقَبَةٖ مُّؤۡمِنَةٖۖ وَإِن كَانَ مِن قَوۡمِۢ بَيۡنَكُمۡ وَبَيۡنَهُم مِّيثَٰقٞ فَدِيَةٞ مُّسَلَّمَةٌ إِلَىٰٓ أَهۡلِهِۦ وَتَحۡرِيرُ رَقَبَةٖ مُّؤۡمِنَةٖۖ فَمَن لَّمۡ يَجِدۡ فَصِيَامُ شَهۡرَيۡنِ مُتَتَابِعَيۡنِ تَوۡبَةٗ مِّنَ ٱللَّهِۗ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمٗا [النساء: 92]، وهذا يدلُّ على وُجوبِ وَفاءِ المُسلمين بالعُهود وتحريم الغَدْر بها حتَّى مَع الكُفّار ﴿إِنَّ ٱلۡعَهۡدَ كَانَ مَسۡ‍ُٔولٗا [الإسراء: 34]، وهؤلاءِ الذين يقتلونَ الكُفّار في بلادِ المُسلمين قد خالَفُوا الكتابَ والسُّنَّة، وعَصُوا اللهَ


الشرح

([1])أخرجه: البخاري رقم (1679)، ومسلم رقم (67).

([2])أخرجه: مسلم رقم (2564).

([3])أخرجه: البخاري رقم (3166).