×
البيان لأخطاء بعض الكُتَّاب الجزء الثالث

لاَ تَنْهَ عَنْ خُلُقٍ وَتَأْتِيَ مِثْلَهُ

الحمدُ للهِ رَبِّ العالمين. والصلاةُ والسلامُ على أشرفِ الأنبياء والمرسلين وعلى آلِهِ وصَحْبِه والتَّابِعين لهم بإحسانٍ إلى يومِ الدِّين، وبعدُ:

فقد كَثُرَ في الآونةِ الأخيرة استنكارُ الغُلُوِّ والتحذيرُ منهُ. وهذا أمْرٌ قد حَذَّرَ منه الشَّرْعُ المُطَهَّرُ، ولكنَّ الشأنَ في تحديدِ مفهومِ الغُلُوِّ، فإنَّ بعضَ هؤلاءِ المُنْكرين له يقعونَ فيه عن قصدٍ أو عن غيرِ قصدٍ، ومن ذلك:

أولاً: أنهم وقَعُوا في شأنِ المرأةِ؛ حيث يزعمونَ أنَّهُم يطالبونَ بحقوقِها مع أنَّهم يدفعونَ بها إلى قيامِها بما لا يَلِيقُ بها مِن أعمالٍ لا تَتَناسبُ مع خِلْقَتِها أو مع حِشْمَتِها وعَفافِها؛ حيث ينادون بأنْ تُسْنَدَ إليها أعمالُ الرِّجال التي لا تتناسبُ مع خلقتِها أو طبيعتِها، أو تُسْنَدَ إليها أعمالٌ تقتضي تخَلِّيها عن الآدابِ الشّرعيَّةِ التي تَحْفَظُ لها كرامَتُها، كالمناداةِ بِسَفَرِها بِدُونِ مَحْرَمٍ والمُناداة بخلْعِها للحِجابِ، والمناداة باختلاطِها بالرِّجال وحِرْمانها من حَقِّها، والمناداة بإلغاءِ قَوامَةِ الرَّجُل عليها والزَجِّ بها فيما يعودُ عليها بالوَبالِ عاجِلاً أم آجِلاً، فهل يُفكِّرُ هؤلاء فيما يقولون، ويربئون بأنفسهم مِن هذا التناقُضِ، أو هم يحْسَبُونَ أن النَّاسَ لا يعقلونَ، ولا يُدرِكُون تناقُضَهم، ويُحاسِبُونَهُم على غُلُوِّهِمْ وإفراطِهم. إنَّ اللهَ رفعَ المرأةَ مِن ظُلْمِ الجاهلِيَّةِ لها ومِن تَسَيُّباتِ الغَرْبِ العصرِيَّةِ.

ثانيًا: غُلُوُّهم في التَّسامُحِ؛ فهم دائمًا ينادُونَ بالتَّسامُحِ والتَّيسِير، ونقولُ لهم: نعَمْ إنَّ دِينَنا هو الشريعةُ السَّمْحَةُ، وقد رفعَ اللهُ به الآصارَ 


الشرح