×
البيان لأخطاء بعض الكُتَّاب الجزء الثالث

وقال العلامة ابن القيِّمِ في روضةِ المُحِبِّين صفحة (102): «وهذا مَنْعٌ وإِنكارٌ بالفعلِ، فلو كان النَّظَرُ جائزًا لأقرَّهُ عليه». ا هـ.

وقال العلامة الشنقيطي في أضواء البيان (6/ 600- 601) مجيبًا عن هذا الاستدلال ما نَصُّهُ: «وأجيب عن ذلك أيضًا من وجهين:

الأول: الجوابُ بأنه ليسَ في شيء من روايات الحديث التصريح بأنها كانت كاشفة عن وجهها، وأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم رآها كاشفةً عنه، وأقرَّها على ذلك بل غايةُ ما في الحديثِ أنَّها كانت وضيئةً، وفي بعض روايات الحديثِ أنَّها حسْناءُ، ومعرفةُ كوْنِها وَضيئةً أو حسناءَ لا يستلزِمُ أنها كاشفةٌ عن وجهِها، وأنَّهُ صلى الله عليه وسلم أقرَّها على ذلك، بل قد ينكشفُ عنها خمارُها عن غيرِ قصدٍ؛ فيراها بعضُ الرِّجال مِن غيرِ قصْدِ كشْفِها عن وَجْهِها، كما أوضحناهُ في رُؤيَةِ جابرٍ «سَفْعَاءُ الْخَدَّيْنِ» ([1])، ويحتملُ أن يكونَ يَعْرِفُ حُسْنَها قبلَ ذلك الوقتِ لجوازِ أن يكونَ قد رآها قبلَ ذلك، وعرَفَها، ومما يوضِّحُ هذا أنَّ عبدَ الله بنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما الذي رُوِيَ عنه هذا الحديثُ لمْ يَكُنْ حاضِرًا وقتَ نظَرِ أخيهِ إلى المَرْأَةِ، ونظرها إليه لِمَا قدَّمْنا مِن أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قَدِمَ بالليل مِن مُزدلفة إلى مِنًى في ضعفة أهله، ومعلومٌ أنَّه إنَّما روى الحديث المذكور من طريق أخيه الفضل، وهو لم يقُلْ له: إنها كانت كاشفةً عن وجهِها، واطِّلاع الفضْلِ على أنَّها وضيئةٌ حسناءُ لا يستلْزِمُ السُّفُورَ قصْدًا لاحتمالِ أن يكونَ رأى وَجْهَها، وعرَفَ حُسْنَهُ مِن أجلِ انكشافِ خمارِها مِن غيرِ قصدٍ مِنْها، واحتمال أنَّهُ رآها قبل ذلك، وعرَفَ حُسْنَها، إلى أن قال: مع أنَّ جمالَ المرأة قد يُعرَفُ بالنظرِ إليها لجمالِها، وهي مُختَمِرة؛ وذلك لِحُسْنِ قدِّها وقوامِها،


الشرح

([1])أخرجه: مسلم رقم (885).