×
البيان لأخطاء بعض الكُتَّاب الجزء الثالث

الظاهرة لغير الزوج وذوي المحارم، وأمَّا الباطِنة فلا تُبْدِيها إلاَّ للزَّوْجِ وذوي المحارم، وكانوا قبلَ أن تنزِلَ آيةَ الحِجاب كان النساءُ يخرُجْنَ بلا جِلْباب، يرَى الرَّجُلُ وجْهَها ويدَيْها، وكان إِذْ ذاك يجوزُ لها إظهارُهُ، ثُمّ لمَّا أنزلَ الله عز وجل آيةَ الحجاب بقوله: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ قُل لِّأَزۡوَٰجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَآءِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ يُدۡنِينَ عَلَيۡهِنَّ مِن جَلَٰبِيبِهِنَّۚ [الأحزاب: 59]، حُجِبَ النساءُ عن الرِّجال، وكان ذلك لمَّا تزوَّجَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم زينبَ بِنْتَ جَحْشٍ فأرخى النبيُّ صلى الله عليه وسلم السِّتْرَ، ومنَعَ النِّساءَ أن يَنْظُرْنَ، ولمَّا اصطفى صفيَّةَ بنت حُيَيٍّ بعد ذلك عامَ خيبر، قالوا: إنْ حجَّبَها فهي مِن أُمَّهاتِ المؤمنينَ وإلاَّ فهي مِمَّا ملكَتْ يمينُه، فحجَّبَها، فلمَّا أمرَ اللهُ أن لا يُسْألْنَ إلاَّ مِن وراءِ حجابٍ، وأمَرَ أزْواجَهُ وبناتِه ونساءَ المؤمنين أنْ يُدْنِينَ عليهِنَّ مِن جلابِيبِهنَّ، والجِلبابُ: هو المَلاءَةُ، وهو الذي يُسمِّيه ابنُ مسعودٍ وغيره: الرِّداء، وتُسَمِّيه العامة: الإزار، وهو الإزار الكبيرُ الذي يغطّي رأسَها وسائِرَ بدنِها، وقد حَكَى عُبَيْدَة وغيرُه أنَّها تُدْنِيه مِن فوق رأسِها فلا تُظْهِر إلاَّ عيْنَها، ومِن جِنْسِه النِّقاب فكانَ النِّساءُ ينْتَقِبْنَ، وفي الصحيح: «لاَ تَنْتَقِبُ المَرْأَةُ الْمُحْرِمَةَ وَلاَ تَلْبَسُ الْقُفَّازَيْنِ» ([1])، فإذا كُنَّ مأموراتٍ بالجلبابِ؛ لِئَلاَّ يُعْرَفْنَ، وهو سَتْرُ الوجْهِ أو سَتْرُ الوَجْهِ بالنِّقاب، وكان الوجْهُ واليدانِ مِنَ الزِّينَةِ التي أُمِرَتْ ألاَّ تُظْهِرَها للأجانبِ فما بَقِيَ لا يَحِلُّ للأجانب النَّظَر إليه إلاَّ إلى الثيابِ الظاهرة، فابنُ مسعود ذكَرَ آخِرَ الأمرينِ وابن عباس ذكر أوَّلَ الأمرينِ». اهـ.

وقال ابنُ كثيرٍ رحمه الله: «يقولُ اللهُ تعالى آمِرًا رَسُولَهُ صلى الله عليه وسلم أن يأمُرَ النِّساءَ المؤمنات -خاصَّةً- وأزواجَهُ وبناتِه لِشَرَفِهِنَّ بأن يُدْنِينَ عليهِنَّ مِن جلابِيبِهِنَّ؛


الشرح

([1])أخرجه: البخاري رقم (1838).