×
البيان لأخطاء بعض الكُتَّاب الجزء الثالث

فقال بعضهم: هي زينةٌ لا يستلزمُ النَّظرُ إليها رؤية شيء من بدَنِ المرأة، كظاهر الثياب. وقال بعضهم: هي زينة يستلزم النَّظر إليها رؤية موضعها من بدنِ المرأة، كالكُحل والخضاب ونحو ذلك.

قال مُقَيِّدُهُ عفا الله عنه وغفر له: أظْهَرُ القوليْنِ المَذكُورين عندي قولُ ابن مسعود رضي الله عنه أنَّ الزِّينة الظاهرة هي ما لا يستلزم النَّظَر إليها رؤية شيء من بدَنِ المرأة الأجنبيَّةِ، وإنَّما قُلنا: إنَّ هذا القول هو الأظهر؛ لأنَّهُ مِن أحْوَط الأقوال وأبْعدِها عن أسبابِ الفِتْنة وأطهرِها لقُلوب الرِّجال والنِّساء، ولا يخْفَى أن وَجْهَ المرأة هو أصْلُ جمالِها، ورؤيتُه مِن أعظم أسبابِ الافتِتان بها، كما هو معلوم، والجاري على قواعد الشَّرْعِ الكريم هو تمامُ المُحافَظَة والابتعاد من الوقوع فيما لا ينبغي. وقال أيضًا في صفحة (584- 586) من الكتاب المذكور على قوله تعالى: ﴿وَإِذَا سَأَلۡتُمُوهُنَّ مَتَٰعٗا فَسۡ‍َٔلُوهُنَّ مِن وَرَآءِ حِجَابٖۚ الآية [الأحزاب: 53] ما نَصُّهُ: «وقد قدَّمْنا في ترجمة هذا الكتاب المبارك أنَّ مِن أنواع البيانِ التي تضمَّنها أنْ يقولَ بعضُ العلماء في الآية قولاً، وتكونُ في نفس الآية قرينةٌ تدُلُّ على عدمِ صِحَّةِ ذلك القول، وذكرنا أمثلةً في التَّرجمة، ومِن أمثلتِه التي ذكرْنا في الترجمة هذه الآية الكريمة، فقد قُلنا في ترجمة هذا الكتاب المبارك، ومِن أمثلته قولُ كثيرٍ من النَّاسِ أنَّ آيةَ الحجابِ، أعني قوله تعالى: ﴿وَإِذَا سَأَلۡتُمُوهُنَّ مَتَٰعٗا فَسۡ‍َٔلُوهُنَّ مِن وَرَآءِ حِجَابٖۚ [الأحزاب: 53] خاصَّةٌ بأزواجِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فإنَّ تعلِيلَهُ تعالى لهذا الحُكْمِ الذي هو إيجابُ الحِجاب بكونِه أطهرُ لقُلوب النِّساء والرِّجال من الرِّيبة في قوله تعالى: ﴿ذَٰلِكُمۡ أَطۡهَرُ لِقُلُوبِكُمۡ وَقُلُوبِهِنَّۚ [الأحزاب: 53]، قرينة واضحة على إرادةِ تَعْمِيم الحُكْمِ؛ إذْ لم يَقُلْ أحدٌ من جميع المسلمين أن غيرَ أزواج النبيِّ صلى الله عليه وسلم لا حاجة إلى أطهريَّةِ قلوبِهِنَّ


الشرح