وقلوبِ الرِّجال
مِنَ الرِّيبة منهن، وقد تقرَّرَ في الأصول أنَّ العِلَّة قد تُعمِّمُ مَعْلُولها،
وإليه أشار في مراقي السُّعود بقوله:
وقد تُخَصَّصُ وقد
تُعَمَّم *** لأصلِها لكنَّها لا تخرم
انتهى محلُّ الغرض
من كلامنا في الترجمة، وبما ذكرنا تعْلَمُ أنَّ في هذه الآية الكريمة الدِّليل
الواضح على أنَّ وجوبَ الحِجاب حُكْمٌ عامٌّ في جميع النِّساء لا خاصٌّ بأزواجه
صلى الله عليه وسلم، وإن كان أصلُ اللفظ خاصًّا بهِنَّ؛ لأنَّ عُموم عِلَّتِه
دليلٌ على عُموم الحُكْمِ فيه، إلى أنْ قال: ومِنَ الأدِلَّةِ القرآنيَّةِ على
احتجابِ المرأة وستْرِها جميعَ بَدنِها حتَّى وَجْهَها قوله تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ
قُل لِّأَزۡوَٰجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَآءِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ يُدۡنِينَ عَلَيۡهِنَّ
مِن جَلَٰبِيبِهِنَّۚ﴾ [الأحزاب: 59]، فقد قالَ غيرُ واحدٍ مِن أهلِ العِلم: إنَّ معنى ﴿يُدۡنِينَ عَلَيۡهِنَّ مِن
جَلَٰبِيبِهِنَّۚ﴾ [الأحزاب: 59]: أنَّهُنَّ يستُرْنَ بها جميعَ وجوهِهِنَّ، ولا يظْهَر
منهُنَّ شيء إلاَّ عيْنٌ واحدة تُبْصِر بها، ومِمَّن قال به ابنُ مسعود وابن عباس
وعبيدة السلماني وغيرهم». اهـ.
وقال في صفحة (592)
أيضًا ما نَصُّهُ: «وإذا علِمْتَ بما ذكرْنا أنَّ حُكْمَ آيةِ الحِجاب عامٌّ،
وأنَّ ما ذكَرْنا معها من الآياتِ فيه الدَّلالة على احتجابِ جميع بدَنِ المرأةِ
عن الرِّجالِ الأجانب عَلِمْتَ أنَّ القرآنَ دَلَّ على الحجابِ، ولو فرَضْنَا أنَّ
آيةَ الحجابِ خاصَّةٌ بأزواجِه صلى الله عليه وسلم فلا شَكَّ أنهُنَّ خيْرُ
أُسْوَة لنِساء المسلمين في الآدابِ الكريمةِ المُقْتَضِيَةِ للطَّهارة التامَّةِ
وعدَمِ التدنُّس بأنجاسِ الرِّيبة، فمن يحاولُ مَنْعَ نساء المُسلمين، كالدعاة
للسفور والتبرج والاختلاط اليوم من الاقتداء بهن في هذا الأدب السماوي الكريم
المتضمن سلامة العرض والطهارة من دنَس الرِّيبةَ غاشٌّ لأمَّةِ محمد صلى الله عليه
وسلم مريضُ القلبِ كما ترى». اهـ.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد