×
البيان لأخطاء بعض الكُتَّاب الجزء الثالث

وَإذا ظَهَرَ الدَّليلُ معَ أحدِ الأقوالِ وَجَبَ الأَخْذُ بهِ وتَرْكُ القَوْلِ بالخَطَأِ، قالَ تعَالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَأُوْلِي ٱلۡأَمۡرِ مِنكُمۡۖ فَإِن تَنَٰزَعۡتُمۡ فِي شَيۡءٖ فَرُدُّوهُ إِلَى ٱللَّهِ وَٱلرَّسُولِ إِن كُنتُمۡ تُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِۚ ذَٰلِكَ خَيۡرٞ وَأَحۡسَنُ تَأۡوِيلًا [النساء: 59]، وإذا لمْ يظهَرِ الدَّليلُ معَ أحدِ الأَقوالِ في المَسألةِ وهناكَ منْ يَقُولُ: لاَ يُحْكَمُ على أقوالِ النَّاسِ وأَفعالِهم مهما بَلَغتْ منَ الْكُفر والشرِّ حتى تُعْرَفَ نِيَّاتُهم ومَقَاصِدُهم وعلى هذا فلا يُحكَمُ على أَحَدٍ بالكفرِ مَهْما قال ومَهْما فعلَ لأننا لا ندري عن نيَّتِه، وهذا القولُ يُخالِفُ كتابَ اللهِ وسُنَّةَ رَسولِهِ وما عليه المسلمون؛ لأنَّ اللهَ رَتَّبَ الأحكامَ على الأقوالِ والأَْفعالِ الظَّاهرَةِ، ورسولَه صلى الله عليه وسلم كذلكَ، وعمِلَ المسلمون على ذلك، فنحنُ نَحْكمُ على الظَّاهرِ ونَكِلُ الْبَاطِنَ إلى اللهِ سبحانه وتعالى، فَمَنْ أظْهَرَ الإسلامَ حكمْنا بأنَّه مُسْلِمٌ حتَّى يُظْهِرَ ما يُخَالِفُ ذلكَ، ألمْ ترَ إلى الرَّجلِ الَّذي قَتَلَهُ أُسامةُ رضي الله عنه وقال له النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: «هَلاَّ شَقَقْتَ عَنْ قَلْبِهِ» ([1])، وكذلك من قال كلمةَ الكفرِ أو فعَلَ بها ومن نَطَقَ بكلمة الكفرِ أو فعْلَ الكفْرِ حكمْنا بكفْرِه ما لم يكن جاهلاً أو مكرهًا أو زائلَ العقل، فنحن لا نحاكم النِّيَّاتِ؛ لأنَّها لا يعلمُها إلاَّ اللهُ، واللُه لم يكلفْنا بذلك، وإنما نحاكِمُ الأقوالَ والأفعالَ ونكِلُ السرائرَ إلى اللهِ سبحانَه، والنَّبيُّ صلى الله عليه وسلم قال: «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا: لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ، فَإِذَا قَالُوهَا عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إلاَّ بِحَقِّهَا وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللهِ»([2]).


الشرح

([1])أخرجه: مسلم رقم (96).

([2])أخرجه: البخاري رقم (25)، ومسلم رقم (22).