×
البيان لأخطاء بعض الكُتَّاب الجزء الثالث

 إلاَّ المجنونُ والصَّغيرُ والنَّائِمُ كما في الحديثِ، وكذلك المُكْرَهُ فإنه لا يُؤاخَذُ على ما أُكْرِهَ عليهِ كما في قوله تعالى: ﴿مَن كَفَرَ بِٱللَّهِ مِنۢ بَعۡدِ إِيمَٰنِهِۦٓ إِلَّا مَنۡ أُكۡرِهَ وَقَلۡبُهُۥ مُطۡمَئِنُّۢ بِٱلۡإِيمَٰنِ وَلَٰكِن مَّن شَرَحَ بِٱلۡكُفۡرِ صَدۡرٗا فَعَلَيۡهِمۡ غَضَبٞ مِّنَ ٱللَّهِ وَلَهُمۡ عَذَابٌ عَظِيمٞ [النحل: 106]، فإذا تَكلَّمَ المُكْرَهُ بكلمةِ الكفرِ مُكْرَهًا عليها فلا إثمَ عليه إذا قَصَدَ بها دَفْعَ الإكراهِ وقلبُه مطمئِنٌّ بالإيمانِ كمَا حَصَلَ لِعَمَّارِ بنِ ياسرٍ رضي الله عنهما، أمَّا مَنْ تَكَلَّمَ بكلامٍ وهو عاقِلٌ غيرُ مكرَهٍ فإنَّه يَرتَدُّ عنْ دينِ الإسلامِ فيُستَتابُ فإنْ تابَ وإِلاَّ قُتِلَ، قال الله تَعَالى: ﴿لَا تَعۡتَذِرُواْ قَدۡ كَفَرۡتُم بَعۡدَ إِيمَٰنِكُمۡۚ إِن نَّعۡفُ عَن طَآئِفَةٖ مِّنكُمۡ نُعَذِّبۡ طَآئِفَةَۢ بِأَنَّهُمۡ كَانُواْ مُجۡرِمِينَ [التوبة: 66]، وقَال تَعَالى: ﴿وَلَقَدۡ قَالُواْ كَلِمَةَ ٱلۡكُفۡرِ وَكَفَرُواْ بَعۡدَ إِسۡلَٰمِهِمۡ [التوبة: 74]، والمرتدُّ بِهذَا وغيرُهُ منْ أنْواعِ الرِّدَّةِ يُقْتَلُ بعدَ الاِستِتَابَةِ حِمايَةً لِلْعَقِيدَةِ، قالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ» ([1]).

وكان ولاةُ أمورِ المُسلمينَ يَقتُلونَ المُرتدِّينَ عَمَلاً بهَذا الحديثِ وَحِمَايةً لِعقيدَةِ المسلمينَ، والَّذي يَتَولَّى الْحُكْمَ عليهِ في مَقالاتِه وأفعالِه الْكُفْرِيَّةِ هو المَحَاكمُ الشَّرعيَّةُ؛ لأنَّ ذلكَ منِ اخْتِصَاصِها، وأمَّا إنْ كانَ المُرادُ بِحُريَّةِ الرَّأيِ الاِجْتِهادَ في مَسائِلِ الفقهِ الَّتي تُسْتنبَطُ منَ الأَْدلَّةِ الشَّرعيَّةِ مِمَّنْ هُو أهْلٌ للاِجتهادِ وهُمُ العلماءُ الرَّاسخونَ فهذهِ الحُرِّيَّة لها وجهٌ في حدودِ احتمالِ الأدلَّةِ قال صلى الله عليه وسلم: «إِذَا اجْتَهَدَ الْحَاكِمُ فَأَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ، وَإِذَا اجْتَهَدَ فَأَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ وَاحِدٌ» ([2]).


الشرح

([1])أخرجه: البخاري رقم (3017).

([2])أخرجه: البخاري رقم (7352)، ومسلم رقم (1716).