×
البيان لأخطاء بعض الكُتَّاب الجزء الثالث

أهميةُ الإِصْلاحِ، وبماذا يتحقَّقُ؟

الحمدُ للهِ رَبِّ العالمينَ، والصَّلاةُ والسَّلاَُم على نبيِّنا محمِّدٍ خَاتَمِ النَّبِيّينَ، وعلى آلِهِ وأصحابِه ومَنْ تَبِعَهُم بإحسانٍ إلى يومِ الدِّينِ، وبعدُ:

فإنَّ الإصْلاحَ مَطلبٌ عظيمٌ كلٌّ يتمنَّاهُ، وكلٌّ يَطلُبُه، لكنْ بماذا يتحقَّقُ الإصْلاحُ؟.

هنا تَختلِفُ الوَسائِلُ وتَتَنوَّعُ النَّتائِجُ، فكثيرٌ منَ النَّاسِ يَظُنُّ أنَّ أسبابَ الإصْلاحِ هي إِعْطَاءُ النَّاسِ ما يَشتَهون في هذه الحياةِ وهو ما يُسَمُّونه الدِّيمُقراطيَّةَ، أي: أنَّ الشَّعْبَ يحكُمُ نفْسَه بنفْسِه، ولا يُحكَمُ فيهِ بشَرْعِ اللهِ الَّذي خَلقَه ويَعلَمُ مَصالِحَه، بلْ كلٌّ وميولُهُ وما يَهْوَاه، وهذا في الواقعِ لا يُحقِّقُ إصْلاحًا؛ لأنَّ أَهْواءَ النَّاسِ تَخْتَلفُ ورَغَبَاتِهم تَتَنوعُ، بلْ إنَّ النَّتيجَةَ منْ وَرَاءِ ذلك هِي الْفَسادُ، قال تَعَالى: ﴿وَلَوِ ٱتَّبَعَ ٱلۡحَقُّ أَهۡوَآءَهُمۡ لَفَسَدَتِ ٱلسَّمَٰوَٰتُ وَٱلۡأَرۡضُ وَمَن فِيهِنَّۚ [المؤمنون: 71] ؛ ولذلك لم يَكِلِ اللهُ النَّاسَ إلى أهوائِهم ورَغَباتِهم بلْ رَسَمَ لهم طَريقًا يَسيرونَ عَلَيهِ في حَياتِهم وهُو ما أَرسَلَ به رُسَلَهُ وأَنزَلَ به كُتُبَه.

فكلُّ شريعةٍ سماويةٍ فاتباعها والعملُ بها في وقتِها إصْلاحٌ لما لمْ تُنسخْ، إلى أن جاءتْ شريعَةُ محمَّدٍ صلى الله عليه وسلم فَنسَختْ ما سَبَقَها من الشرائعِ، وتضمَّنَتْ مصالحَ البَشريَّةِ إلى أنْ تقومَ السَّاعةُ، فلا صَلاحَ ولا إصْلاحَ إلاَّ باتِّباعِ هذه الشريعةِ والتحاكمِ إليها، قالَ اللهُ تَعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَأُوْلِي ٱلۡأَمۡرِ مِنكُمۡۖ فَإِن تَنَٰزَعۡتُمۡ فِي شَيۡءٖ فَرُدُّوهُ إِلَى ٱللَّهِ وَٱلرَّسُولِ إِن كُنتُمۡ تُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِۚ ذَٰلِكَ خَيۡرٞ وَأَحۡسَنُ تَأۡوِيلًا [النساء: 59]، وَسمَّى اتَّباعَ شَرْعِه إصَلاحًا ومُخالفةَ شرْعِه فَسادًا، قالَ تَعَالى: 


الشرح