×
البيان لأخطاء بعض الكُتَّاب الجزء الثالث

﴿وَلَا تُفۡسِدُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ بَعۡدَ إِصۡلَٰحِهَا [الأعراف: 56]، فَإصْلاحُها باتِّباعِ شرْعِه، وإِفْسادُها بِمُخالفةِ شَرْعِه، فاللهُ أصلَحَ الأرضَ بإرسالِ الرُّسلِ وإنزالِ الكُتبِ فإذا قامَ النَّاسُ باتَّباعِ الرُّسلِ وعَمِلوا بكتابِ اللهِ صَلَحَتْ أرْضُهم وإذا كانَ بخلافِ ذلك أفسدوا في الأرضِ وإن كانوا يَزْعُمونَ أنَّهم يُصْلِحونَ فيها كما قال تعالى: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمۡ لَا تُفۡسِدُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ قَالُوٓاْ إِنَّمَا نَحۡنُ مُصۡلِحُونَ ١١ أَلَآ إِنَّهُمۡ هُمُ ٱلۡمُفۡسِدُونَ وَلَٰكِن لَّا يَشۡعُرُونَ [البقرة: 11، 12].

والإصلاحُ المتمثِّلُ باتِّباعِ شَرْعِ اللهِ ضمانٌ منَ الهلاكِ كما قالَ تَعالى: ﴿وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهۡلِكَ ٱلۡقُرَىٰ بِظُلۡمٖ وَأَهۡلُهَا مُصۡلِحُونَ [هود: 117]، والإصلاحُ في الأرضِ إنَّما يتحقَّقُ بتحكيمِ شرْعِ اللهِ وإقامةِ الصَّلاةِ وإيتاءِ الزَّكاةِ وإقامَةِ الحدودِ والأمرِ بالمعروفِ والنهيِ عن المنكرِ، قالَ تعالى: ﴿ٱلَّذِينَ أُخۡرِجُواْ مِن دِيَٰرِهِم بِغَيۡرِ حَقٍّ إِلَّآ أَن يَقُولُواْ رَبُّنَا ٱللَّهُۗ وَلَوۡلَا دَفۡعُ ٱللَّهِ ٱلنَّاسَ بَعۡضَهُم بِبَعۡضٖ لَّهُدِّمَتۡ صَوَٰمِعُ وَبِيَعٞ وَصَلَوَٰتٞ وَمَسَٰجِدُ يُذۡكَرُ فِيهَا ٱسۡمُ ٱللَّهِ كَثِيرٗاۗ وَلَيَنصُرَنَّ ٱللَّهُ مَن يَنصُرُهُۥٓۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ٤٠ ٱلَّذِينَ إِن مَّكَّنَّٰهُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ أَقَامُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتَوُاْ ٱلزَّكَوٰةَ وَأَمَرُواْ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَنَهَوۡاْ عَنِ ٱلۡمُنكَرِۗ وَلِلَّهِ عَٰقِبَةُ ٱلۡأُمُورِ [الحج: 40، 41]، وقالَ النَبيُّ صلى الله عليه وسلم: «لَحَدٌّ يُقَامُ فِي الأَْرْضِ خَيْرٌ لَهَا مِنْ أَنْ تُمْطَرَ أَرْبَعِينَ صَبَاحًا» ([1])، وهذا هو إصلاحُ الأَرضِ وإصْلاحُ أهْلِ الأرضِ ومَا خَالفَه فهُو تَدْميرٌ للأرضِ ومَنْ عَليها وإنِ ادَّعى أصحابُه أنَّه تَعميرٌ وإصْلاحٌ، فهذا مِنْ تَسْميةِ الأشياءِ بِأَضْدادِها ومِنْ غِشِّ الخَلْقِ، وما أشبَهَ الليلةَ بِالبارِحَةِ: فمُنَافِقو اليومِ مِثلُ إخوانِهم منْ منافقي الأَمسِ يُنادون


الشرح

([1])أخرجه: ابن ماجه رقم (2538)، وابن حبان رقم (4398).