فالواجبُ على أهلِ تلك
المَناطقِ أنْ يَتَّقوا اللهَ ويَخافوا منَ العُقوباتِ، فإنَّ النِّعمَ إذا لمْ
تُشْكَرْ تَزولُ وتَحِلُّ مَحَلَّها العُقوباتُ، قال تَعَالى: ﴿وَضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلٗا قَرۡيَةٗ كَانَتۡ ءَامِنَةٗ مُّطۡمَئِنَّةٗ يَأۡتِيهَا رِزۡقُهَا رَغَدٗا مِّن كُلِّ مَكَانٖ فَكَفَرَتۡ بِأَنۡعُمِ ٱللَّهِ فَأَذَٰقَهَا ٱللَّهُ لِبَاسَ ٱلۡجُوعِ
وَٱلۡخَوۡفِ بِمَا كَانُواْ يَصۡنَعُونَ﴾ [النحل: 112]، وما
يَجري فيما حَوْلَنا من البلادِ منَ الجُوعِ والقَتْلِ والتَّشريدِ فيهِ عبرَةٌ
وعِظةٌ، والسَّعيدُ مَنْ وُعِظَ بغيرِه.
فالواجبُ على أُمراءِ تلكَ
المَناطقِ وعلى وُلاةِ أمرِ المسلمينَ عُمومًا أنْ يَمنَعوا تلكَ المُنكراتِ؛
لأنَّ هذا منْ واجبِهم «كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ
رَعِيَّتِهِ»([1]). واللهُ يَزَعُ
بالسُّلطانِ ما لا يَزَعُ بالقُرآنِ، لا سِيَّما وأنَّ هذهِ البلادَ مَحَطُّ
أنظارِ المسلمينَ، ويأتي إليها المُسلمونَ للمُحافظةِ على دِينِهم وأخلاقِهم
وحِمايةِ عائِلاتِهم بَدَلَ أنْ يُسافِروا إلى البلادِ الكافرَةِ، وهذه البلادُ هي
أرْضُ الحرمينِ ومَهْبطُ الوَحْي ومُنطلقُ الدَّعوةِ إلى الإسلامِ فيَجبُ عليها
أنْ تُحافظَ على مَكانَتِها وحُسْنِ سُمعتِها، وتكونَ عندَ حُسنِ ظنِّ المسلمينَ
بها.
والواجبُ الأَْخْذُ على أَيْدي هؤلاءِ الَّذين يُشوِّهونَ سُمعةَ البلادِ ويُريدونَ ابْتِزازَ أمْوالِ النَّاسِ بهذهِ الطُّرقِ السَّيِّئةِ والمظاهرِ الَّتي لا تَليقُ بمكانةِ البلادِ وأهْلِها، كما سَمعْنا منَ الشِّكاياتِ في الدَّاخلِ والخَارجِ منْ أهلِ الغَيرةِ على الدِّينِ وعلى هذهِ البلادِ، ولا شكَّ أنَّه تَجبُ مُراعاةُ شعورِهم ولا يُراعَى شعور الَّذينَ لا يُريدون الخيرَ للعبادِ والبلادِ، والنَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يقولُ: «لَتَأْخُذُنَّ عَلَى يَدِ السَّفِيهِ وَلَتَأْطُرُنَّهُ عَلَى الْحَقِّ أَطْرًا،
([1])أخرجه: البخاري رقم (893)، ومسلم رقم (1829).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد