حول ما يُسمَّى
بتقنينِ الشَّريعةِ
قرأتُ في بعضِ
الصُّحفِ المحليَّةِ مُقابلاتٍ مع بعضِ المشايخِ حولَ ما يُسمَّى بتقنينِ
الشَّريعةِ، فأبدَوْا آراءَهم في ذلك، وكانَ منْ حقِّي إبداءُ رأيِي في هذا
الموضوعِ فأقولُ:
1- ما المرادُ
بالتَّقنينِ وما المرادُ بالشَّريعةِ؟..
المرادُ
بالتَّقنينِ: وَضْع موادِ تشريعيَّةِ يحكمُ بها القاضي ولا يَتجاوزُها.
والمرادُ
بالشَّريعةِ: الكتابُ والسُّنَّةُ، وليس المرادُ بها اجتهاداتِ الفقهاءِ، فهل يُمكِنُ
تقنينُ الكتابِ والسُّنَّةِ بِجعلِها على شَكْلِ موادٍ قانونيَّةٍ؟ هذا لا يُمكنُ،
فهما أجلُّ وأعظمُ من ذلكَ. وأيضًا فاللهُ قد فصَّلَ الكتابَ، قالَ تَعَالى: ﴿كِتَٰبٌ أُحۡكِمَتۡ
ءَايَٰتُهُۥ ثُمَّ فُصِّلَتۡ مِن لَّدُنۡ حَكِيمٍ خَبِيرٍ﴾ [هود: 1]، فهو
مُفَصَّلٌ في سُورِ وآياتٍ، والآياتُ يُفَسِّرُ بعضُها بعضًا، ويُبيِّنُ بعضُها
بعضًا، والأحاديثُ كذلك مُصَنَّفةٌ في كُتُبٍ وأبوابٍ وشروحٍ، وهي أيضًا يُبيِّنُ
بعضُها بعضًا، ويُفسِّرُ بعضُها بعضًا، ولا تَتَّسِعُ الموادُ القانونيَّةُ
لاستيعابِ ما في الكتابِ والسُّنَّةِ.
2- وإن أُريدَ
بالشَّريعةِ: اجتهاداتُ الفقهاءِ فهذهِ تسميةٌ خاطئةٌ، فأقوالُ الفقهاءِ ليستْ
تشريعًا، وإنَّما هي تبيينٌ للتَّشريعِ، وقد يُخطئُ هذا التَّبيينُ، وقد يُصيبُ
فالاعتمادُ ليس عليه وإنَّما هو على الكتابِ والسُّنَّةِ، وأيضًا الفقهُ لا
يَحتاجُ إلى تَقنينٍ؛ لأنَّهُ مفصَّلٌ في كتبٍ وأبوابٍ ومسائلَ وفهارسَ، ومَنْ
أرادَ حُكْمًا في مسألةٍ أو فَصْلاً في قضيَّةٍ فسيجِدُ ما يَطلُبُ بيُسْرٍ
وسُهولةٍ.
الصفحة 1 / 463
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد