3- لو
حَوَّلْنا كُتبَ الفقهِ إلى موادٍ وألزمنا القُضاةَ بالحُكمِ بها كنا بذلك
عطَّلْنا بابَ الاجتهادِ المطلوبِ شرعًا وجمَّدْنا على هذه الموادِ القابلةِ
للخطأِ والصَّوابِ، وقد قال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا اجْتَهَدَ
الْحَاكِمُ فَأَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ، وَإِذَا اجْتَهَدَ فَأَخْطَأَ فَلَهُ
أَجْرٌ وَاحِدٌ» ([1])، وحينئذٍ لابدَّ
منْ تصحيحِ الحُكْمِ الخاطئِ بالرُّجوعِ به إلى الصَّوابِ وتَرْكِ الخطأِ، وقد
قالَ العلماءُ: لا يُنتقضُ منْ حُكمِ الحاكمِ إلاَّ ما خالفَ الدَّليلَ،
والجمودُ على الموادِ المقَنَّنةِ يُعَطِّلُ هذا كُلَّه ويُبقِي على ما دُوِّنَ في
الموادِ المقنّنةِ.
4- الواجِبُ أنْ
يُقالَ: تَشريعُ القانونِ، أي تَحويلَه إلى ما يُوافِقُ الشَّريعةَ، ولا
يقالُ: تقنينُ الشَّريعةِ، أي تحويلَها إلى ما يُشْبِهُ القانونَ الوضعي
تأدبًا معَ شرْعِ اللهِ وتنزيهًا له بأن يَهبطَ به إلى مستوى صورةِ القوانينِ
الوضعيَّةِ.
5- الواجبُ: العنايةُ بدراسةِ الشَّريعةِ وتأهيلِ القضاةِ بمَعرفَتِها جملةً وتَفصيلاً ولا نَتَّخِذُ من ضَعفِ مَعلوماتِ بعضِ القُضاةِ وسيلةً للتَّصرُّفِ في الشَّريعةِ بما يُسمَّى بالتَّقنينِ؛ لأنَّ هذا العمَلَ يَزيدُ القضاةَ ضَعْفًا ويَقتُلُ مَوَاهبَهم، ثم هو وَسيلةٌ إلى الحُكمِ بآراءِ الرَّجالِ وتَرْكِ الحكمِ بما أنزلَ اللهُ، واللهُ تَعَالى يقولُ لنَبيِّه: ﴿وَأَنِ ٱحۡكُم بَيۡنَهُم بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ وَلَا تَتَّبِعۡ أَهۡوَآءَهُمۡ وَٱحۡذَرۡهُمۡ أَن يَفۡتِنُوكَ عَنۢ بَعۡضِ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ إِلَيۡكَۖ﴾ [المائدة: 49]، ويقول جل وعلا: ﴿إِنَّآ أَنزَلۡنَآ إِلَيۡكَ ٱلۡكِتَٰبَ بِٱلۡحَقِّ لِتَحۡكُمَ بَيۡنَ ٱلنَّاسِ بِمَآ أَرَىٰكَ ٱللَّهُۚ﴾ [النساء: 105]، ولم يقلْ: بما رأيتُ.
([1])أخرجه: البخاري رقم (7352)، ومسلم رقم (1716).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد