وتقنينُ الفقهِ
وإلزامُ القُضاةِ بالحكمِ به دونَ نَظَرٍ إلى ما يُوافقُ الدَّليلَ وما يُخالِفُه
حكمَ بما رآهُ النَّاسَ، وإذا كانَ الرَّسولُ صلى الله عليه وسلم لا يحكمُ بما
رآهُ فكيفَ يجوزُ لغيرِه أن يحكمُ بآراءِ الفقهاءِ.
أعودُ فأقولُ: إنَّ الواجبَ
تأهيلُ القضاةِ علميًّا بتكثيفِ الدِّراساتِ الشَّرعيَّةِ وإعطائِها ما تستحقُّ
منَ الاهتمامِ، وذلك بالعنايةِ بتدريسِ العلومِ الشَّرعيَّةِ في مُختلَفِ مَراحلِ
الدَّراسةِ واستيعابِها وعدمِ تَرْكِ شيءٍ منها، وبعضُ المدرِّسينَ يُضَيِّعُ على
الطُّلابِ وقتَهم ويُشَتِّتُ جهودَهم فتنتِهي السَّنةُ الدراسيَّةُ وهم لم
يَستكمِلوا المُقرراتِ، فيُشَكِّلُ ذلك ضَعفًا في معلوماتِهم ويتخرَّجونَ وهم لم
يدرسوا مُقَرَّراتِهم وإنَّما أَخَذوا منها ما يُنَجِّحُهم في الاختِباراتِ
وتَرَكوا الباقي، هذا هو مَنشأُ الضَّعفِ في القُضاةِ وهو ضَعْفٌ يجبُ أنْ
يُعالَجَ، وليس العلاجُ بالتَّصَرُّفِ في الشَّريعةِ وإنَّما العلاجُ بتَدارُكِ
النَّقْصِ والضَّعْفِ.
وفَّقَ اللهُ وُلاةَ
أُمورِ المُسلمينَ لما فيهِ صَلاحُهم وصلاحُ الإسلامِ والمسلمينَ، وجنَّبَهم ما
يُسيءُ إلى دِينِهم ويُبعدُهم عن شَريعةِ ربِّهم.
وصلَّى اللهُ
وسلَّمَ على نَبِيِّنا محمَّدٍ وآلِهِ وصحبِه.
*****
الصفحة 3 / 463
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد