الْغُلُوُّ» ([1])، وأشدُّ ذلك إذا
بُني على هذه الآثارِ المزعومةِ مساجدُ تُزَارُ ويُصلِّى فيها، فإنَّ هذا منْ
أعظمِ وسائلِ الشِّركِ والابتداعِ في الدِّينِ، فإنَّ المساجدَ لا تُبنَى إلاَّ في
الأَمْكنَةِ الَّتي فيها سكَّانٌ يُصلُّونَ في تلكَ المساجدِ الصلواتِ الخمسَ
المفروضةَ، ولا يَجوزُ تحديدُ مكانٍ للعبادةِ يُزارُ ويُصَلَّى فيه ويُدْعَى فيه
إلاَّ ما حدَّدَه اللهُ ورسُولُه منَ المساجدِ الثلاثةِ الَّتي تُشَدُّ الرِّحالُ
إِلَيها وهِي المسجدُ الحرامُ والمسجدُ النبويُّ والمسجدُ الأقصى، وما عَداها
فكلُّ الأرضِ سواءٌ، وقد جُعِلَتْ للرَّسولِ صلى الله عليه وسلم وأمَّتِه مَسْجدًا
وطَهُورًا، فمَنَ أدرَكَتْهُ الصَّلاةُ فإنَّه يُصَلِّي في أي بُقْعَةٍ صالِحَةٍ
للصَّلاةِ.
والآثارُ المطلوبُ
إحياؤُها في عُرْفِ أهْلِ الِعلْمِ هي ما ثَبَتَ عنِ الرَّسولِ صلى الله عليه وسلم
منْ أحاديثِه الشَّريفَة التي حثَّنا صلى الله عليه وسلم على رِوَايتِها وحِفظِها
والمُحافظَةِ عليها والعملِ بها وتَبليغِها للنَّاسِ. ولمْ يأمرْنا صلى الله عليه
وسلم بتَتَبُّعِ البِقاعِ والمَباني الَّتي سَكَنها أو جَلَس فيها وبِنَائِها
والعنايَةِ بها، وإنَّما حدَثَ هذا بعد القرونِ المفضَّلةِ لمَّا فَشَى في
المسلمين الجَهْلُ والابتداعُ والتخَلُّفُ والتَّشبُّهُ بالأمَمِ الأُخرى.
فالواجبُ على المسلمينَ: أنْ يَهْتَمُّوا بإقامةِ دِينِهم والعنايةِ بسنَّةِ رسولِهم وأن يبتَعِدوا عما يُخالِفُ ذلك كما يَجِبُ عليهم الدفاعُ عن رَسولِهم وكتابِهم ضدَّ هَجَماتِ الكفَّارِ والمشركينَ، وإنَّ أعداءَنا لَيَفرَحون إذا رأوا فَريقًا من المسلمين معنيِّينَ بالتَّنقيبِ عن الآثارِ وتعظيمِها والعنايةِ بها، فالكفَّار يَحثُّون على ذلك؛ لأنَّهم يعلمون آثارَه السيِّئَةَ على دينِ
([1])أخرجه: النسائي رقم (3057)، وابن ماجه رقم (3029)، وأحمد رقم (3248).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد