×
البيان لأخطاء بعض الكُتَّاب الجزء الثالث

الشَّعيرةِ العظيمةِ جماعةً في المسجدِ، وكانوا يَتَفَقَّدُون المتخلِّفينَ عنها بلاَ عُذْرٍ ويُناصِحُونَهم ويُغَلِّظون عليهم اقتداءً بالنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم في ذلك مما يدُلُّ على تأكُّدِ وجوبِها وشدَّةِ إثْمِ مَن تَخَلَّفَ عنها لغيرِ عُذرٍ، حتَّى قال عبدُ اللهِ بنِ مسعودٍ رضي الله عنه: «وَلَقَدْ رَأَيْتُنَا وَمَا يَتَخَلَّفُ عَنْهَا إلاَّ مُنَافِقٌ مَعْلُومُ النِّفَاقِ» ([1]).

وقد ظهرَ هذه الأيامَ مقالاتٌ للكاتبِ: خالدِ بنِ عاذي الغناميّ فكان يكتُبُ مقالاتٍ في الصُّحفِ يُهوِّنُ فيها من شَأْنِ صلاةِ الجماعةِ ويقولُ: أنَّها ليستْ واجبَةً، وفي الأخيرِ جَمَعَ هذه المقالاتِ في كتابٍ سمَّاهُ: جوازَ صلاةِ الرَّجلِ في بيتِه، دراسةً فِقْهيَّةً حديثيَّهً لحُكمِ صلاةِ الجماعةِ. وطبعَهُ في مصْرَ وجلَبَهُ إلى المملكةِ فشَوَّشَ على بعضِ النَّاس وفتَحَ البابَ للكُسالَى، وشَجَّعَ أهْلَ النِّفاقِ الَّذين كانوا يَتْرُكون صلاةَ الجماعةِ منْ عهْدِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم إلى وقتِنا ويُحاوِلونَ تَفريقَ المسلمينَ.

واعْتَمَدَ في كتابِه هذا على شُبْهتَيِنْ؛ الشبهةُ الأولَى: ما وَرَد في بعضِ الأحاديثِ التي تدُلُّ على صحَّةِ صلاةِ الفذِّ ولا تَدُلُّ على جوازِها وفَرْقٌ بينَ الصِّحَّةِ والجوازِ، فقد يصِحُّ الشيءُ مع الإثْمِ وهذا هو الشَّأْنُ في صلاةِ المنفردِ من غيرِ عُذرٍ فإنَّها تصِحُّ معَ الإثمِ على تَرْكِ الواجبِ من صَلاتِها مع الجماعةِ.

الشُّبهةُ الثَّانيةُ: أنَّه نَقَلَ عن بعضِ العُلماءِ القَوْلَ بعدَمِ وجوبِ صلاةِ الجماعةِ، ومَعلومٌ أنَّ قولَ العالِمِ إذا خالَفَ الدَّليلَ لا يُقبَلُ؛ لأنَّ الحُجَّةَ بقولِ الرَّسولِ صلى الله عليه وسلم لا بقولِ غيرِه، مع أنَّ هؤلاءِ العلماءِ ما كانوا يُصلُّون في بُيُوتِهم، بل كانوا يُحافِظونَ على صلاةِ الجماعةِ في المساجِدِ.


الشرح

([1])أخرجه: مسلم رقم (654).