وأمَّا أنَّني
أدَّعِي المَعرفَةَ وأحتكِرُها لنَفسي فأنَا أعوذُ باللهِ من ذلكَ، وهل إذا
بيَّنْتُ خطأَ المُخالِفِ أكونُ قد احتكرْتُ المعرفَةَ لنفسِي؛ ولكنْ أظنُّ
المُزينيَّ قال ذلك لأنَّه لا يَملِكُ ردًّا على تعقيبِي عليه إلاَّ بتلكَ
الاتِّهاماتِ الخاطئةِ معَ أنَّه يَدَّعي الحِوارَ حيثُ قالَ في العنوان: «حوار مع
الشيخ الفوزان». وأما ما وصَفَني به من الحدَّةِ فهل يَتَوقَّعُ منِّي أنْ
أُثْنِيَ عليه في عمَلِه وأَتْرُكَ مُناقَشَتَه حتَّى لا أكونَ حادًّا.
ثمَّ قال
المُزينيُّ: «ومنْ أمثِلَةِ اتِّهاماتِ فضيلَتِه للضَّمائِرِ قولُه: وأنتَ لمْ تُحِطْ
بمقَرَّراتِ جميعِ المَراحلِ منَ البدايةِ إلى النِّهايةِ».
وأقولُ له: ليسَ هذا اتِّهامًا
للضَّمائِرِ وإنَّما هو تَشْخيصٌ لسبَبِ وقُوعِكَ في الخَطأِ، إذ لو أحطتَّ بجميعِ
مقرَّراتِ المراحلِ الدِّراسيَّةِ لأدْرَكتَ أنَّها مُتكامِلَةٌ يُكمِّلُ بعضُها
بعضًا، وقد وَضَعَها علماءُ أجلاَّءِ لهم سابقَةٌ في التَّعليمِ والتَّربيةِ، وقد
أنتَجَتْ هذه المَناهجُ والمقرَّراتُ رجالاً أكْفَاءً قاموا بمهامّ جليلةٍ من
الأعمالِ في الدَّولةِ، فهم لم ينشئوا منْ فراغٍ ولم يَتَخرَّجوا على مَناهجَ قاصرةٍ
ومُختلةٍ كما تَزعُم، وكيفَ تتَّهمُنِي بالتَّجْهِيلِ وأنتَ قد جهَّلْتَ
واستغْفَلْتَ هؤلاءِ الصَّفوةَ الجليلةَ من العلماءِ والمتعلِّمينِ.
ثمَّ قال المُزينيُّ: «أمَّا تسميتُه -
يعنِيني - غيرَ المسلمينَ بالكفَّارِ بإطْلاقٍ فتَنفِيهِ الآياتُ الكثيرةُ الَّتي
ورَدَتِ الإشارةُ فيها إلى أهْلِ الكتابِ، وتلك الآياتُ الَّتي تُثْنِي على
بعضِهم، وتلكَ الَّتي تَشْهَدُ بأنَّهم ليسوا سَواءً».
وأقولُ: نعم غيرُ
المسلمينَ منْ جميعِ الأمَمِ كفَّارٌ. وأقولُ أيضًا: اللهُ سُبحانه قد كفَّرَ منْ
أهلِ الكتابِ وذمَّهم ولَعَنَهم في القُرآنِ، قال تَعَالى: ﴿لَمۡ يَكُنِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَٰبِ
وَٱلۡمُشۡرِكِينَ مُنفَكِّينَ حَتَّىٰ تَأۡتِيَهُمُ ٱلۡبَيِّنَةُ﴾ [البينة: 1]، وقال
تعالى: ﴿لُعِنَ
ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنۢ بَنِيٓ إِسۡرَٰٓءِيلَ﴾ [المائدة: 78]،
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد