بإرخاءِ الجلابيبِ لئَلاَّ يُعرفَن ولا يُؤذَين
وهذا دليلٌ على القولِ الأول. وقد ذكرَ عبيدةُ السلماني وغيرُه أنَّ نساءَ
المؤمنين كُنَّ يُدنين عليهِن الجلابيبَ من فوقِ رُؤوسِهن حتى لا يظهرَ إلاَّ
عيونُهن لأجْلِ رؤيةِ الطريق، وثبتَ في الصحيحِ أنَّ المرأة المُحرِمةَ تَنْهى عن
النقابِ والقُفَّازين وهذا ممَّا يدُلُ على أنَّ النقابَ والقفازين كانا معروفينِ
في النساءِ اللاتي لم يُحرِمْنَ وذلك يَقتضي سترَ وجوهِهن وأيدِيهن.
وقد نَهَى اللهُ
تعالى عمَّا يُوجِب العلمَ بالزينةِ الخفيةِ بالسمعِ أو غيرِه فقال: ﴿وَلَا يَضۡرِبۡنَ
بِأَرۡجُلِهِنَّ لِيُعۡلَمَ مَا يُخۡفِينَ مِن زِينَتِهِنَّۚ﴾ [النور: 31] وقال: ﴿وَلۡيَضۡرِبۡنَ
بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّۖ﴾ [النور: 31] فلمَّا نزلَ
ذلك عَمَدَ نساءُ المؤمنين إلى خُمُرِهن فشقَقْنَهن وأرخَيْنَها على أعناقِهن،
والجيب: هو شَقٌّ في طُولِ القميص. فإذا ضربتِ المرأةُ بالخمارِ على الجيبِ سترتْ
عنقَها، وأمرت بعد ذلك أن ترخى من جلبابها، والإرخاء إنما يكون إذا خرجت من البيت
فأما إذا كانت في البيت فلا تؤمر بذلك».
وفي (22/109- 111)
قال: «﴿وَلَا يُبۡدِينَ
زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنۡهَاۖ وَلۡيَضۡرِبۡنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ
جُيُوبِهِنَّۖ﴾ [النور: 31] ثم قال: ﴿وَلَا يُبۡدِينَ زِينَتَهُنَّ﴾ يعني الباطنة: ﴿إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ﴾ [النور: 31] الآية،
والسلفُ قد نازعوا في الزينةِ الظاهرةِ على قولين: فقال ابنُ مسعودٍ ومن وَافَقَه:
هي الثياب. وقال ابنُ عباس ومن وَافَقَه: هي في الوجهِ واليدين، مثل الكُحْلِ
والخَاتم، وعلى هذين القولين تنازَعَ الفقهاءُ في النظرِ إلى المرأةِ الأجنبية،
فقيلَ يجوزُ النظرُ لغيرِ شهوةٍ إلى وجهِها ويديها وهو مذهبُ أبي حنيفةَ والشافعي
وقولٌ في مذهبِ أحمد، وقيل: لا يجوزُ وهو ظاهِرُ مذهبِ أحمد. فإنَّ كلَّ شيءٍ منها
عورةٌ حتى ظُفْرَها وهو قولُ مالك.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد