جسمِها وامتلائِه
واعتدالِه ونحو ذلك من محاسنِ الجسمِ وهي تنظرُ إليه من وراءِ الغطاءِ على وجهِها؛
لأنَّ غطاءَ الوجهِ لا يمنعُ الرؤية.
ثم قال العباسي: «ولئن فاتَنا
الإجماعُ فإنَّ معنا جمهورُ أهلِ العلم». نقول له: ومن أينَ لك أنَّ القائلين
بقولكم هم جمهورُ أهلِ العلمِ فلدينا جماعاتٌ كثيرةٌ من المُفسِّرين وشُرَّاحِ
الحديثِ وفقهاءِ المذاهبِ الأربعةِ يقولون بخلافِ ما تقولون.
ثم قال العباسي: «فإنْ فُرِضَ
وجودُ خلافِ ذلك في القرونِ المتأخرةِ فالعبرةُ بقُرونِ السلفِ التي أثنى اللهُ
تعالى عليها ورسولُه صلى الله عليه وسلم ».
هكذا يقولُ العباسي - سامحه الله - مُتَجاهلاً الخلافَ في المسألةِ حتى جعلَه افتراضيًا - إن وجد - فالسلفُ مُجمِعُون على خلافِه وهذا إنكارٌ منه لوجودِ الخلافِ في المسألةِ بين السَّلف، وأينَ قولُ ابنِ مسعودٍ وعائشةَ وغيرِهما، فقد جاء في حديثِ الإفك عن عائشةَ رضي الله عنها لما استيقظَتْ باسترجاعِ صفوانَ بنِ المُعطِّل رضي الله عنه قالت: «فَخَمَّرْتُ وَجْهِي وَكَانَ يَعْرِفُنِي قَبْلَ فَرْضِ الحِجَابِ» ([1]). وقالت أيضًا: «كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فإذا مرَّ بِنَا الرِّجالُ سَدَلَتْ إِحْدَانَا خِمَارَهَا عَلَى وَجْهِهَا، فَإِذَا جَاوَزُونَا كَشَفْنَاهُ» ([2])، وأعظمُ من ذلك قولُه تعالى: ﴿وَإِذَا سَأَلۡتُمُوهُنَّ مَتَٰعٗا فَسَۡٔلُوهُنَّ مِن وَرَآءِ حِجَابٖۚ ذَٰلِكُمۡ أَطۡهَرُ لِقُلُوبِكُمۡ وَقُلُوبِهِنَّۚ﴾ [الأحزاب: 53] وقوله تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ قُل لِّأَزۡوَٰجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَآءِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ يُدۡنِينَ عَلَيۡهِنَّ مِن جَلَٰبِيبِهِنَّۚ ذَٰلِكَ أَدۡنَىٰٓ أَن يُعۡرَفۡنَ فَلَا يُؤۡذَيۡنَۗ﴾ [الأحزاب: 59] وما جاء في تفسيرِ الآيةِ أنَّ المرادَ بذلك إدناءُ الجلبابِ على الوجه، وقوله: ﴿وَلۡيَضۡرِبۡنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّۖ﴾ [النور: 31] ولكن إذا أعياكم تأويلُ النصوص عن مدلولِها قُلتم:
([1])أخرجه: البخاري رقم (4141)، ومسلم رقم (2770).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد