وإنْ عمِيَتْ عنها
بصائرُ الجاحدين. قال تعالى: ﴿فَإِنَّهَا لَا تَعۡمَى ٱلۡأَبۡصَٰرُ وَلَٰكِن تَعۡمَى ٱلۡقُلُوبُ
ٱلَّتِي فِي ٱلصُّدُورِ﴾ [الحج: 46] ولسْنا نَتَخبَّطُ بل نحن على هُدى، وإنَّما
يتَخبَّطُ الكافرُ الذي هو في الظلماتِ ليس بخارجٍ منها وهي حالةُ الكفارِ وإن
اسْتُدْرِجُوا بشيءٍ من زهرةِ الدنيا، فزهرةُ الدنيا إن كانت مع الإيمانِ فهي
عَوْنٌ ونعمةٌ من الله، وإن كانتْ مع الكفرِ فهي اسْتِدرَاجٌ وإمهالٌ كما بيَّن
اللهُ ذلك في قولِه: ﴿فَلَمَّا
نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِۦ فَتَحۡنَا عَلَيۡهِمۡ أَبۡوَٰبَ كُلِّ شَيۡءٍ
حَتَّىٰٓ إِذَا فَرِحُواْ بِمَآ أُوتُوٓاْ أَخَذۡنَٰهُم بَغۡتَةٗ فَإِذَا هُم مُّبۡلِسُونَ﴾ [الأنعام: 44].
ولستُ بهذا الكلامِ
أُقلِّلُ من شأنِ الاستفادةِ من التِّقنياتِ الحديثة؛ لأنَّ اللهَ أمَرَنا بإعدادِ
القوةِ والاستمتاعِ بما أباحَ اللهُ لنا، قال تعالى: ﴿قُلۡ مَنۡ حَرَّمَ زِينَةَ ٱللَّهِ ٱلَّتِيٓ أَخۡرَجَ لِعِبَادِهِۦ
وَٱلطَّيِّبَٰتِ مِنَ ٱلرِّزۡقِۚ قُلۡ هِيَ لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ
ٱلدُّنۡيَا خَالِصَةٗ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِۗ كَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ ٱلۡأٓيَٰتِ لِقَوۡمٖ يَعۡلَمُونَ﴾ [الأعراف: 32]، لكن هذا الاستمتاعُ والانتفاعُ يكونُ مع
الإيمانِ ليكونَ نعمةً لا نِقْمة.
3- قولُه: «لا
أفهمُ أن يَحتَجَّ الشيخُ عندما نقول: إنَّ العالِمَ هو الإنسانُ الذي يتطلعُ إلى
المستقبلِ لا إلى المَاضي».
وأقولُ: بل العالمُ
الحقيقيُّ هو الذي يَستعِدُّ للمستقبلِ الدنيوي والأُخْروي ويَعتبِرُ بالماضي
وحوادثِه ويقتدِي بالنبيِّ صلى الله عليه وسلم وأصحابِه ومن جاءَ بعدَهم ويسيرُ
على نهجِهم، قال تعالى: ﴿وَالسَّابِقُونَ
الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ
بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ﴾ [التوبة: 100] فلا
يهدِرُ الماضي بما فيه من القدواتِ والعِظَات، ونحن أمةٌ لنا ماضٍ مجيدٌ،
وحاضِرُنا مربوطٌ بماضينا وقُدوتُنا سلفُنا الصالحُ، لا علماءُ أوروبا أو غيرِها
من الكفار، هذا ما أردتُ استدراكَه على مقالةِ المَذْكور.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد