×
البيان لأخطاء بعض الكُتَّاب الجزء الثالث

ما هذا التَّناقُض

كثيرًا ما نسمعُ ونقرأُ الحثَّ على اجتماعِ الكلمةِ ووِحدةِ الأمةِ من خلالِ ما يُقامُ من مؤتمراتٍ ونَدَواتٍ بهذا الصَّدد، وهذا عمَلٌ طيِّبٌ حَثَّ عليه اللهُ جل وعلا في القرآنِ وحثَّ عليه الرسولُ صلى الله عليه وسلم في سُنَّتِه وأجمعَ عليه العلماءُ وضَمَّنوه مؤلفاتِهم في العقيدةِ وغيرِها لو بقينا عليه، ولكنَّنا نسمعُ كثيرًا - وهذا هو العجيبُ في الأمر - الحثَّ على الحافزِ على حريةِ الكلمةِ والسماحِ للأديانِ والنِّحَل بالظُّهور والممارسة، وهذا في الحقيقةِ جَمْعٌ بين الأضداد، ومعروفٌ أنَّ الضِّدَّين لا يجتَمعان، وسَينشأُ عن ذلك تفرُّقُ الأُمةِ وتشتُّتها وتَناحُرُها كما قال تعالى: ﴿فَتَقَطَّعُوٓاْ أَمۡرَهُم بَيۡنَهُمۡ زُبُرٗاۖ كُلُّ حِزۡبِۢ بِمَا لَدَيۡهِمۡ فَرِحُونَ [المؤمنون: 53] ؛ ولذلك نجدُ الأعداءَ من الكفارِ والمنافقين يُشجِّعون هذه الفكرةَ ويدعَمون النِّحَلَ الضَّالةَ ويُبرزُونها ويُشجِّعون أهلَها ليدحَضُوا بها الحَقَّ كما قالَ تعالى: ﴿وَجَٰدَلُواْ بِٱلۡبَٰطِلِ لِيُدۡحِضُواْ بِهِ [غافر: 5].

فيجِبُ علينا أنْ نتنبهَ لما يُحاكُ ضِدَّنا ولا نَسمحُ لهذه الأفكارِ لتَروجَ بيننا، وأنْ نعلمَ تمامَ العلمِ أنَّه لا يجمعُ الأُمةَ ويُوحِّدُ الكلمةَ إلاَّ تحكيمُ الشرعِ المُنزَّلِ على النبيِّ المرسَل قال تعالى: ﴿وَٱعۡتَصِمُواْ بِحَبۡلِ ٱللَّهِ جَمِيعٗا وَلَا تَفَرَّقُواْۚ وَٱذۡكُرُواْ نِعۡمَتَ ٱللَّهِ عَلَيۡكُمۡ إِذۡ كُنتُمۡ أَعۡدَآءٗ فَأَلَّفَ بَيۡنَ قُلُوبِكُمۡ فَأَصۡبَحۡتُم بِنِعۡمَتِهِۦٓ إِخۡوَٰنٗا [آل عمران: 103]، وقال تعالى: ﴿فَإِن تَنَٰزَعۡتُمۡ فِي شَيۡءٖ فَرُدُّوهُ إِلَى ٱللَّهِ وَٱلرَّسُولِ إِن كُنتُمۡ تُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِۚ ذَٰلِكَ خَيۡرٞ وَأَحۡسَنُ تَأۡوِيلًا [النساء: 59].


الشرح