إيضاح وكشف شبهة
الحمدُ لله،
والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ وعلى آلِه وصحبِه ومن والاه، وبعد:
فقد كثُر الكلامُ في
هذه الأيام عن حقِّ الوطن وعن تحيةِ العلم، وآخِر ما قرأتُ في ذلك مقالاً للكاتِبِ
محمد بن ناصر الأسمري في جريدة الجزيرة يوم الجمعة 16 من شهر جمادى الآخرة 1426هـ
العدد (11985) شرَّق فيه وغرَّب وفنَّد فيه فتوى اللجنةَ الدائمةَ في حكمِ تحيةِ
العلم، عفا اللهُ عنا وعنه، فلم يسعْني السكوتُ عن البيانِ الواجبِ إيضاحُه في
هاتين المسألتين فأقولُ مستعينًا باللهِ ومنه أستمد التوفيق للصواب:
1- أما حب الوطن إذا
لم يتعارضْ مع الدينِ فهو أمرٌ طبيعي فِطري لا لومَ فيه كما قال الشاعر:
كم منزل في الأرض
يألفه الفتى *** وحنينه أبدًا لأول منزل
بل إنَّ الدفاعَ عن
أوطانِ المسلمين إذا داهمها الأعداءُ فرْضٌ على كلِّ من يستطيعُ ذلك، بل إنَّ حبَّ
الوطنِ إذا كان له قدسيةٌ شرعيةٌ فإنَّ حُبَّه عبادة، كمحبةِ مكةَ والمدينةِ
شرَّفهما الله، لكن إذا تعارَضَ حبُّ الوطنِ مع أمرٍ من أمورِ الدينِ كالهجرةِ
والجهادِ في سبيلِ اللهِ فإنَّ تقديمَ حُبِّ الوطنِ على الجهادِ والهجرةِ أمرٌ
مُحرَّمٌ شديدُ التحريم.
قال اللهُ تعالى: ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ تَوَفَّىٰهُمُ ٱلۡمَلَٰٓئِكَةُ ظَالِمِيٓ أَنفُسِهِمۡ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمۡۖ قَالُواْ كُنَّا مُسۡتَضۡعَفِينَ فِي ٱلۡأَرۡضِۚ قَالُوٓاْ أَلَمۡ تَكُنۡ أَرۡضُ ٱللَّهِ وَٰسِعَةٗ فَتُهَاجِرُواْ فِيهَاۚ فَأُوْلَٰٓئِكَ مَأۡوَىٰهُمۡ جَهَنَّمُۖ وَسَآءَتۡ مَصِيرًا ٩٧إِلَّا ٱلۡمُسۡتَضۡعَفِينَ مِنَ ٱلرِّجَالِ وَٱلنِّسَآءِ وَٱلۡوِلۡدَٰنِ لَا
الصفحة 1 / 463
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد