ومِنْ لازِمِ عبادةِ
اللهِ البَراءَةُ مِنَ الشِّرْكِ وأهلِه؛ فلا يكفي أنّك لا تعبدُ إلاَّ اللهَ، بل
لابُدّ أن تتبٍرَّأَ مِنَ الشِّرْك وأهلِه، قال تعالى: ﴿قَدۡ كَانَتۡ لَكُمۡ أُسۡوَةٌ حَسَنَةٞ فِيٓ إِبۡرَٰهِيمَ وَٱلَّذِينَ
مَعَهُۥٓ إِذۡ قَالُواْ لِقَوۡمِهِمۡ إِنَّا بُرَءَٰٓؤُاْ مِنكُمۡ وَمِمَّا
تَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ﴾ [الممتحنة: 4]، وقال تعالى: ﴿قُلۡ يَٰٓأَيُّهَا ٱلۡكَٰفِرُونَ ١ لَآ
أَعۡبُدُ مَا تَعۡبُدُونَ ٢ وَلَآ
أَنتُمۡ عَٰبِدُونَ مَآ أَعۡبُدُ﴾ [الكافرون: 1- 3] إلى آخر السورة.
فلا تتحقَّقُ عبادةُ
اللهِ إلاَّ بترْكِ عبادةِ ما سِواه؛ فالذي يَعبدُ اللهَ، ويَعبدُ غيْرَهُ معهُ
هذا مُشرِكٌ لا تصِحُّ، ولا تُقْبَلُ عبادتُه للهِ، كما أنّ عُبّادَ الأصنامِ
يَعْبُدُونَ اللهَ ببعضِ أنواعِ العبادةِ، كالحج والعُمْرَةِ وأنواع التقرُّبِ إلى
اللهِ، وليسَ معنى هذه السُّورة ما قد يفْهَمُه بعضُ الجُهَّال أو الضُلاَّل أنه
إعطاءُ الحُرِّيّةِ للنَّاسِ: كلٌّ يعبُدُ ما يريدُ، ولا يعترِض أحدٌ على أحدٍ، لو
كان الأمرُ كذلك؛ فلماذا شُرِع الجهادُ في سبيلِ الله؟ والله تعالى يقولُ: ﴿وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ
تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ﴾ [الأنفال: 39]،
ويقول: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ
وَالإِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ *﴾ [الذاريات: 56]، لكن تجوزُ الهُدنة مع الكُفّار
والمشركينَ إذا كان في ذلك مَصلحةٌ راجحةٌ للمسلمين، ويجبُ على المسلمين الوفاءُ
بالعهدِ وعدمُ العُدْوان على المعاهَدينَ، ويُقِرُّونَ على دِينهم بمُوجب العهد
إذا خضعوا لحُكْمِ الإسلام، وبذلوا الجِزْية عن يدٍ وهم صاغِرُون.
وكذا تجوزُ
مهادنتُهم بوَضْعِ الحربِ بيننا وبينهم، وأن يبذُلوا الجِزيةَ إذا كان في هذا
مصلحةٌ راجحة للإسلام والمسلمين، كما صالحَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم قريشًا في
الحديبية، كما أنه ليس من لازمِ البراءة مِن دينِهم أنْ نعتدِيَ عليهم بغيرِ حقٍّ
أو نظْلِمَهم، قال تعالى: ﴿وَلَا يَجۡرِمَنَّكُمۡ شَنََٔانُ قَوۡمٍ عَلَى أَلَّا تَعۡدِلُواْ ٱعۡدِلُواْ
هُوَ أَقۡرَبُ لِلتَّقۡوَىٰۖ﴾ [المائدة: 8]، والشنآنُ هو البُغض.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد