ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، ويدعو إلى الله كل هذا من أقوال اللسان،
واعتقاد بالقلب، فلا يكفي النطق باللسان من دون اعتقاد القلب، فإن المنافقين كانوا
يقولون: ﴿إ وَمِنَ ٱلنَّاسِ
مَن يَقُولُ ءَامَنَّا بِٱللَّهِ وَبِٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ وَمَا هُم بِمُؤۡمِنِينَ
٨ يُخَٰدِعُونَ ٱللَّهَ
وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَمَا يَخۡدَعُونَ إِلَّآ أَنفُسَهُمۡ وَمَا يَشۡعُرُونَ ٩﴾ [البقرة: 8، 9] وهم ينطقون
بألسنتهم، ويشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله لكن لما كانوا لا
يعتقدون ذلك في قلوبهم لم يكونوا مؤمنين، وكانوا في الدرك الأسفل من النار، ولن
تجد لهم نصيرًا وكذلك لا يكفي الاعتقاد بالقلب دون النطق باللسان، فإن كثيرًا من
الكفرة والمشركين يعتقدون في قرارة أنفسهم وفي قلوبهم عقيدة إيمان لكن يمنعهم
الكبر والحسد، ويمنعهم شحهم بدنياهم أن ينطقوا بالشهادتين وأن يقولوا لا إله إلا
الله محمد رسول الله، كما ذكر الله جل وعلا من حال المشركين، قال تعالى: ﴿قَدۡ نَعۡلَمُ إِنَّهُۥ
لَيَحۡزُنُكَ ٱلَّذِي يَقُولُونَۖ فَإِنَّهُمۡ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَٰكِنَّ ٱلظَّٰلِمِينَ
بَِٔايَٰتِ ٱللَّهِ يَجۡحَدُونَ﴾ [الأنعام: 33] وكما قال تعالى عن اليهود: ﴿ٱلَّذِينَ ءَاتَيۡنَٰهُمُ ٱلۡكِتَٰبَ
يَعۡرِفُونَهُۥ﴾ [البقرة: 146] -أي محمدًا صلى الله عليه وسلم -﴿كَمَا
يَعۡرِفُونَ أَبۡنَآءَهُمۡۖ وَإِنَّ فَرِيقٗا مِّنۡهُمۡ لَيَكۡتُمُونَ ٱلۡحَقَّ
وَهُمۡ يَعۡلَمُونَ﴾ [البقرة: 146] ولا يكفي النطق باللسان والاعتقاد بالقلب من دون العمل، بل
لابد من العمل، فإذا اعتقد بقلبه ونطق بلسانه فلابد أن يؤدي الواجبات ويتجنب
المحرمات حتى يكون مؤمنًا حقًا، والإيمان يزيد وينقص، يزيد بالطاعات وينقص
بالمعاصي، قال تعالى: ﴿إِنَّمَا ٱلۡمُؤۡمِنُونَ
ٱلَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ ٱللَّهُ وَجِلَتۡ قُلُوبُهُمۡ وَإِذَا تُلِيَتۡ عَلَيۡهِمۡ
ءَايَٰتُهُۥ زَادَتۡهُمۡ إِيمَٰنٗا وَعَلَىٰ رَبِّهِمۡ يَتَوَكَّلُونَ ٢ ٱلَّذِينَ يُقِيمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَمِمَّا رَزَقۡنَٰهُمۡ
يُنفِقُونَ ٣ أُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ
حَقّٗاۚ لَّهُمۡ دَرَجَٰتٌ عِندَ رَبِّهِمۡ وَمَغۡفِرَةٞ وَرِزۡقٞ كَرِيمٞ ٤﴾ [الأنفال: 2- 4]
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد