الخطبة
الثانية
الحمد لله على فضله وإحسانه وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له
وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليمًا
كثيرًا.
· أما بعد:
أيها الناس، اتقوا الله تعالى، لقد كثر
التساهل في هذه الصلاة في هذه الأزمنة وانشغل عنها كثير من الناس بملذاتهم
وشهواتهم وأعمالهم الدنيوية، قال تعالى: ﴿فَخَلَفَ
مِنۢ بَعۡدِهِمۡ خَلۡفٌ أَضَاعُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَٱتَّبَعُواْ ٱلشَّهَوَٰتِۖ
فَسَوۡفَ يَلۡقَوۡنَ غَيًّا﴾ [مريم: 59] وكما سمعتم أن المؤمنين لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله
وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة كانوا يبيعون ويشترون فإذا سمعوا النداء للصلاة أغلقوا
دكاكينهم وأقبلوا على الصلاة فإذا فرغوا من الصلاة رجعوا إلى بيعهم وشرائهم
فيكونون من عمار بيوت الله عز وجل الذين قال الله تعالى فيهم ﴿إِنَّمَا يَعۡمُرُ مَسَٰجِدَ
ٱللَّهِ مَنۡ ءَامَنَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ وَأَقَامَ ٱلصَّلَوٰةَ
وَءَاتَى ٱلزَّكَوٰةَ وَلَمۡ يَخۡشَ إِلَّا ٱللَّهَۖ فَعَسَىٰٓ أُوْلَٰٓئِكَ أَن يَكُونُواْ
مِنَ ٱلۡمُهۡتَدِينَ﴾ [التوبة: 18]، عباد الله ولا يكفي أن الإنسان يصلي هو نفسه ويذهب إلى
المسجد ويترك أولاده بل عليه أن يأمر أولاده مميزهم وكبيرهم ومن في بيته أن يأمرهم
بالصلاة، قال تعالى: ﴿وَأۡمُرۡ أَهۡلَكَ
بِٱلصَّلَوٰةِ وَٱصۡطَبِرۡ عَلَيۡهَاۖ﴾ [طه: 132] وقال سبحانه: ﴿يَٰٓأَيُّهَا
ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ قُوٓاْ أَنفُسَكُمۡ وَأَهۡلِيكُمۡ نَارٗا وَقُودُهَا ٱلنَّاسُ
وَٱلۡحِجَارَةُ﴾ [التحريم: 6]، فكيف يرضى المسلم أن يخرج إلى الصلاة ويترك أولاده على
فرشهم أو يلعبون ويلهون ولا يصطحبهم معه ويلزمهم بالصلاة مع أنه مسؤول
الصفحة 1 / 461
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد