الخطبة
الثانية
الحمد لله على فضله وإحسانه، وأشكره على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله
إلا الله وحده لا شريك له تعظيمًا لشأنه، وأشهد أن محمدً عبده ورسوله، صلى الله
عليه وعلى آله وأصحابه، وسلم تسليمًا كثيرًا.
· أما
بعد:
أيها الناس، اتقوا الله تعالى، واعلموا
أن العقوبات قد تكون مصلحةً وقد تكون هلاكًا، تكون مصلحةً لمن اتعظ بها وانزجر
بها، تكون تمحيصًا لذنوبه مغفرةً لذنوبه وتكون منبهةً له إلى التوبة وإصلاح العمل
في المستقبل فتكون خيرًا له فتنقلب المحنة إلى منحة، وإما أن تكون هلاكًا لمن لم
يتب ولم يرجع إلى ربه سبحانه وتعالى فإنها تكون هلاكًا له عاجلاً، وما عند الله له
من الهلاك أشد وأبقى، إذا لم يتب إلى الله عز وجل، وكذلك النعم تكون أحيانًا خيرًا
للإنسان إذا شكرها وقام بحقها، وأدى ما أوجب الله عليه فيها فإنها تكون خيرًا له
وقد تكون عقوبةً ومحنةً إذا كفر النعمة وبطر وتكبر، واستعمل هذه النعمة في معصية
الله عز وجل فإنها تكون استدراجًا له ليزداد من الشر ﴿وَلَا
يَحۡسَبَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ أَنَّمَا نُمۡلِي لَهُمۡ خَيۡرٞ لِّأَنفُسِهِمۡۚ
إِنَّمَا نُمۡلِي لَهُمۡ لِيَزۡدَادُوٓاْ إِثۡمٗاۖ﴾ [آل عمران: 178] ﴿إِنَّمَا
نُمۡلِي لَهُمۡ لِيَزۡدَادُوٓاْ إِثۡمٗاۖ﴾ [آل عمران: 178] ﴿أَيَحۡسَبُونَ
أَنَّمَا نُمِدُّهُم بِهِۦ مِن مَّالٖ وَبَنِينَ ٥٥ نُسَارِعُ
لَهُمۡ فِي ٱلۡخَيۡرَٰتِۚ بَل لَّا يَشۡعُرُونَ ٥٦﴾ [المؤمنون: 55، 56] فالنعم قد تكون استدراجًا ﴿فَلَمَّا نَسُواْ مَا
ذُكِّرُواْ بِهِۦ فَتَحۡنَا عَلَيۡهِمۡ أَبۡوَٰبَ كُلِّ شَيۡءٍ حَتَّىٰٓ إِذَا
فَرِحُواْ بِمَآ أُوتُوٓاْ أَخَذۡنَٰهُم بَغۡتَةٗ فَإِذَا هُم مُّبۡلِسُونَ ٤٤ فَقُطِعَ دَابِرُ ٱلۡقَوۡمِ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْۚ وَٱلۡحَمۡدُ
لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ ٤٥﴾ [الأنعام: 44، 45].
فاتقوا الله عباد الله واعلموا أن خير الحديث كتاب
الله..
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد