الخطبة
الثانية
الحمد لله رب العالمين على فضله وإحسانه ومَنِّهِ وكرمه، وأشهد أن لا إله
إلا الله وحده لا شريك له في ربوبيته وإلهيته وأسمائه وصفاته، وأشهد أن محمدًا
عبده ورسوله المبعوث رحمة للعالمين، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين ومن
تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
· أما
بعد:
أيها الناس، اتقوا الله تعالى، واعلموا أن غايتكم من هذه الحياة الدنيا إنما هي الإيمان والأعمال الصالحة، هذا هو الذي تخرجون به من هذه الدنيا وتتركون ما سواه من الأموال والأولاد والمساكن وغير ذلك، تدخلون الدنيا وليس معكم شيء، حينما تلدكم أمهاتكم وتخرجون منها وليس معكم شيء منها إلا ما قدمتموه من العمل الصالح، قال صلى الله عليه وسلم: «إِذَا مَاتَ الْعَبْدُ تَبِعَهُ ثَلاَثَةٌ، يَتْبَعُهُ مَالُهُ وَأَهْلُهُ وَعَمَلُهُ، فَيَرْجِعُ اثْنَانِ وَيَبْقَى الثَّالِث يَرْجِع: أَهْلَهُ وَمَالَهُ، وَيَبْقَى عَمَلُهُ» ([1])، فلا تخرجون من هذه الدنيا إلا بالأعمال الصالحة أو الأعمال السيئة، فأنتم تخرجون بأعمالكم صالحةً أو سيئةً ولا تخرجون منها بشيء مما أفنيتم حياتكم فيه من جمع المال وغير ذلك من متاع الدنيا، فإذا كان الأمر كذلك فاهتموا بالأعمال الصالحة قبل فواتها فإنه: «إِذَا مَاتَ ابْنُ آدَمَ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إِلاَّ مِنْ ثَلاَث: صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ» ([2])، وما عدا ذلك فإنه ليس له إلا ما قدم، فاتقوا الله
([1]) أخرجه: البخاري رقم (6149)، ومسلم رقم (2960).
الصفحة 1 / 461
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد