عظيم ولا يأمن الإنسان على نفسه ولو كان من أعلم الناس وأتقى الناس فإنه لا
يأمن الفتن، وقد قال الخليل: ﴿وَإِذۡ
قَالَ إِبۡرَٰهِيمُ رَبِّ ٱجۡعَلۡ هَٰذَا ٱلۡبَلَدَ ءَامِنٗا وَٱجۡنُبۡنِي
وَبَنِيَّ أَن نَّعۡبُدَ ٱلۡأَصۡنَامَ ٣٥ رَبِّ إِنَّهُنَّ
أَضۡلَلۡنَ كَثِيرٗا مِّنَ ٱلنَّاسِۖ فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُۥ مِنِّيۖ وَمَنۡ
عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٞ رَّحِيمٞ ٣٦﴾ [إبراهيم: 35، 36].
وقال المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم: «يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ
وَالأَبْصَار ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ»، فَتَقُولُ لَهُ عَائِشَة رضي
الله عنها: يَا رَسُولَ اللهِ وَأَنْتَ تَخَاف؟ قَالَ صلى الله عليه وسلم: «وَمَا
يُؤَمِّنُنِي يَا عَائِشَةُ وَقُلُوبُ الْعِبَادِ بَيْنَ إِصْبَعَيْنِ مِنْ
أَصَابِعِ الرحمن، إِذَا أَرَادَ أَنْ يُقَلِّبَ أَوْ يَقْلِبَ قَلْبَ عَبْدٍ
قَلَّبَهُ» ([1]).
فلنتق الله جميعًا ونسأل الله الهداية للصراط المستقيم والثبات على الحق،
وأن يكفينا وإياكم شر الفتن والفُتَّان ودعاة الضلال، فإنكم تعيشون وكلما تأخر
الزمان زادت الفتن وادلهمت، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
كانت الفتن فيما سبق مقصورةً على أهلها وفي بلادها، وأهل الإيمان بمنجاة
منها لا تصل إليهم إلا نادرًا أما الآن فإن الفتن كما تعلمون تصل إلى الناس وهم في
قعر بيوتهم وهم على فرشهم تصل إليهم من خلال البث المنحرف، البث المسموع والبث
المقروء والنشر في الصحف والمجلات والكتب والصور الخليعة، لهدم العقائد وهدم
الأخلاق، فهم جادون في إضلالكم وإغوائكم وصرفكم عن دينكم ﴿يَٰٓأَيُّهَا
ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِن تُطِيعُواْ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يَرُدُّوكُمۡ عَلَىٰٓ
أَعۡقَٰبِكُمۡ فَتَنقَلِبُواْ خَٰسِرِينَ ١٤٩
بَلِ ٱللَّهُ مَوۡلَىٰكُمۡۖ وَهُوَ خَيۡرُ ٱلنَّٰصِرِينَ ١٥٠﴾ [آل عمران: 149، 150].
إن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى
الله عليه وسلم...
***
([1]) أخرجه: أحمد رقم (26133)، والطبراني في « الأوسط » رقم (5330).
الصفحة 2 / 461
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد