×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء الثامن

في هذا الحديث نهي عن الحسد وما ذكر معه؛ لأن هذه الأشياء تفرق بين المسلمين وتنكر القلوب بعضها على بعض وتفضي إلى النزاع والخصام وقد تؤدي إلى القتال وتفرق الأمة وتشتتها وقد جمع الله بين هذه الأمة بهذا الدين العظيم الذي وحد كلمتهم وبنى أمتهم وجعلهم أمةً واحدةً فالحسد هو تمني زوال النعمة عن المحسود وقيل الحسد كراهية النعمة على المحسود ولو لم يتمن زوالها فإذا كرهت ما أعطى الله أخاك من الخير فقد حسدته ولو لم تتمن زوال ذلك فإن تمنيت زوال ذلك عنه فهذا أشد، أما إذا رأيت على أخيك نعمةً وتمنيت أن الله يعطيك مثلها فهذا غبطة وليس بحسد وهذا محمود فإذ رأيت على إخوانك نعمة في العلم والدين والمال فإنك تدعو الله أن يرزقك مثلهم وأن يجعلك مثلهم وهذا ليس من الحسد وإنما هو من الغبطة أما الحسد فإنه كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «يَأْكُلُ الْحَسَنَاتِ»، قال: «إيَّاكُمْ وَالْحَسَدَ، فَإِنَّ الْحَسَدَ يَأْكُلُ الْحَسَنَاتِ كَمَا تَأْكُلُ النَّارُ الْحَطَبَ» ([1])، وقد يفضي بالحاسد إلى الكفر فإن إبليس لما حسد آدم أفضى به ذلك إلى الفسوق عن أمر ربه والكفر بالله عز وجل فآل به الأمر إلى أسوأ العواقب بسبب الحسد والتكبر لما رأى من فضل الله على آدم حيث خلقه بيده وأسجد له ملائكته وفضله بالعلم وأسكنه جنته عند ذلك حسده وآل به الحسد إلى الكفر والفسوق عن أمر ربه فكانت عاقبته أوخم العواقب بسبب الحسد، والحسد هو الذي حمل اليهود على أن كفروا بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم لأنهم حسدوه وحسدوا العرب الذين بعث فيهم لأنهم يريدون أن تكون النبوة في بني إسحاق ولا تخرج إلى بني إسماعيل، الله جل وعلا هم أعلم


الشرح

([1])  أخرجه: أبو داود رقم (4903)، وعبد بن حميد رقم (1430).