×
البيان لأخطاء بعض الكُتَّاب الجزء الثالث

 ضرْبِ المسلمينَ وإضعافِهم كما هو الواقعُ الآنَ، وَكُلٌّ مِن فَرِيقَي الخوارِج والمُرْجِئَة أخَذَ بالمُتشابِه مِنَ الأدِلَّةِ.

فالخوارجُ: أخذُوا بنُصوصِ الوعيدِ، والمرجِئَة: أخذوا بنُصوصِ الوعدِ، والمذهبُ الوسطُ: والقولُ الحقُّ في هذه المسألةِ ما عليه أهلُ السُّنَّةِ والجماعةِ، وهو الجمْعُ بينَ نصوصِ الوَعْدِ ونصوص الوعيدِ؛ عملاً بقول الله تعالى: ﴿هُوَ ٱلَّذِيٓ أَنزَلَ عَلَيۡكَ ٱلۡكِتَٰبَ مِنۡهُ ءَايَٰتٞ مُّحۡكَمَٰتٌ هُنَّ أُمُّ ٱلۡكِتَٰبِ وَأُخَرُ مُتَشَٰبِهَٰتٞۖ فَأَمَّا ٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمۡ زَيۡغٞ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَٰبَهَ مِنۡهُ ٱبۡتِغَآءَ ٱلۡفِتۡنَةِ وَٱبۡتِغَآءَ تَأۡوِيلِهِۦۖ وَمَا يَعۡلَمُ تَأۡوِيلَهُۥٓ إِلَّا ٱللَّهُۗ وَٱلرَّٰسِخُونَ فِي ٱلۡعِلۡمِ يَقُولُونَ ءَامَنَّا بِهِۦ كُلّٞ مِّنۡ عِندِ رَبِّنَاۗ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّآ أُوْلُواْ ٱلۡأَلۡبَٰبِ ٧ رَبَّنَا لَا تُزِغۡ قُلُوبَنَا بَعۡدَ إِذۡ هَدَيۡتَنَا وَهَبۡ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحۡمَةًۚ إِنَّكَ أَنتَ ٱلۡوَهَّابُ رَبَّنَآ إِنَّكَ جَامِعُ ٱلنَّاسِ لِيَوۡمٖ لَّا رَيۡبَ فِيهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُخۡلِفُ ٱلۡمِيعَادَ [آل عمران: 7- 9].

فأهلُ السُّنَّةِ: يقولون بأنَّ مُرتكِبَ الكبيرةِ التي هي دُونَ الشِّرْكِ والكُفْرِ مُعَرَّضٌ للوعيدِ، لكنه تحتَ مشيئةِ الله: إن شاءَ عذَّبَهُ بِقَدْرِ ذُنُوبِهِ، وإن شاءَ اللهُ عفا عنهُ، ولم يُعذِّبْهُ لقول الله تعالى: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَغۡفِرُ أَن يُشۡرَكَ بِهِۦ وَيَغۡفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَآءُۚ [النساء: 48]، وإذا عذَّبَهُ بذنوبِه فإنَّهُ لا يُخَلَّدُ في النَّارِ بل يَخْرُجُ منها، ويدخُلُ الجنَّةَ بما معَهُ مِنَ التَّوحيد والإيمان، فليسَ هو بِمُؤمن كاملِ الإيمانِ -كما تقولهُ المُرْجِئَة- وليس بكافرٍ خارج من الإيمان - كما تقولُه الخوارجُ - ولا يَحكُمونَ على مُسلم بالكُفْرِ إلاَّ إذ ارتكبَ ناقضًا من نواقضِ الإسلامِ المُتَّفَقِ عليها، والمعروفة عند العلماء، ولابُدَّ أنْ تتوفَّرَ شُروطٌ للحُكْمِ بِالرِّدَّةِ أو الكُفْر على مَنْ ظاهِرُهُ الإسلامُ، وهيَ:

1- ألاَّ يكونَ جاهلاً مَعْذُورًا بالجهلِ كالذي يُسْلِمُ حديثًا، ولم يتمكَّنْ


الشرح