×
البيان لأخطاء بعض الكُتَّاب الجزء الثالث

عَلَى وَجْهِهَا، فَإِذَا جَاوَزُونَا كَشَفْنَاهُ»([1]). قال الشَّوكاني في نيل الأوطار: «وَاسْتُدِلَّ بهذا الحديثِ على أنَه يجوزُ للمرأةِ إذا احتاجت إلى سَتْرِ وجهِها -يريدُ حالَ الإِحْرامِ- لمُرور الرِّجال قريبًا منها فإنَّها تُسْدِلُ الثَّوْبَ مِن فوقِ رأسِها على وجهِها؛ لأنَّ المرأةَ تحتاجُ إلى سَتْرِ وجْهِهَا فلم يَحْرُم عليها سَتْرُه مطلقًا كالعورة». ا هـ.

ومعناه: أنه لا يحْرُم عليها سَتْرُ وجهِها حالةَ إحرامِها بحَضْرَةِ أجانبَ أو غيرِهم، وهذا صريحٌ من الإمام الشوكاني أنَّهُ يرَى سَتْرَ المرأةِ لوجهِها؛ إِذْ إنَّ الوجهَ هو موضِعُ الزِّينَةِ ومَحلُّ الافْتِتان بها ونساءُ الصَّحابة يَكْشِفْنَ وجوههِنَّ حالةَ الإحرام، فإذا مَرَّ بهِنَّ الرِّجالُ الأجانب ستَرْنَ وجوهَهُنَّ عنهم، مِمَّا يدُلُّ على أنَّ المُعتادَ عندهُنَّ سَتْرُ الوجْهِ.

هذه بعضُ الأدلَّةِ مِنَ الكتاب والسُّنَّة على وجُوب سَتْرِ المرأة الوجْهَ واليدَيْنِ عن الرِّجال الأجانب وطرف مِن كلام أهلِ العِلْم عليها، ولو تتبَّعْنا كُلَّ ما وردَ وكُلَّ ما قِيلَ في هذا الموضوعِ لاحْتَجْنا إلى مُجلَّدات، لكن نكتفي من ذلك بما تحصُل به الإشارة.

الجوابُ عما استدلَّ به المُخالفونَ على جوازِ كشْفِ المرأة لوجهِهَا عندَ الرِّجال الأجانب:

1- أمَّا الاستدلالُ على جواز كشْفِ الوجْهِ واليدينِ مِنَ المرأةِ بحضْرَةِ الرِّجالِ الأجانبِ بحديث عائشةَ في قصَّةِ دُخول أسماءَ على النبيِّ صلى الله عليه وسلم بثياب رقاقٍ، وقوله لها: «إِنَّ الْمَرْأَةَ إذا بَلَغَتِ الْمَحِيضَ لَمْ يَصْلُحْ أَنْ يُرَى مِنْهَا إلاَّ هَذَا وَهَذَا» وَأَشَارَ إِلَى وَجْهِهِ وَكَفَّيْهِ ([2]).


الشرح

([1])أخرجه: أبو داود رقم (1833)، وأحمد رقم (24021)، والبيهقي رقم (9051).

([2])أخرجه: أبو داود رقم (4104).