×
البيان لأخطاء بعض الكُتَّاب الجزء الثالث

عليه الناسُ على عهدِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم لم يَرَ في الأمرِ مَجالاً للجُحودِ بأنَّ المرأةَ قد أمرَها الشَّارِعُ الإسلامِيُّ بِسَتْرِ وجْهِها عن الأجانب، وما زال العملُ جاريًا عليهِ منذُ عهدِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم إلى هذا اليوم». اهـ.

وبما تقدَّمَ تعلمُ أنَّهُ لا مُسْتَمْسَك لهؤلاءِ الكُتَّاب بقوله تعالى: ﴿إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنۡهَاۖ [النور: 31]، وأن الآيةَ حُجَّةٌ لنا لا لَهُم.

وأما أدِلّةُ السُّنَّةِ على وُجوبِ الحِجابِ: فهُناكَ أحاديثُ كثيرةٌ تَدُلُّ على وُجوبِ الحِجاب منها حديثُ عبد الله بنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ: «لاَ تَنْتَقِبُ المَرْأَةُ الْمُحْرِمَة وَلاَ تَلْبَسُ الْقُفَّازَيْنِ» ([1])، قال شيخُ الإسلامِ ابن تيميةَ رحمه الله في مجموع الفتاوى (15/370، 371): «وهذا مِمَّا يَدُلُّ على أنَّ النقابَ والقُفَّازَيْنِ كانا مَعْرُوفيْنِ في النِّساء اللاتي لم يُحْرِمْنَ وَذَلِك يقتضي سَتْرَ وُجوههِنَّ وأيديهِنَّ». وقال في المجموع رحمه الله (20/120): «ووَجْهُ المرأةِ في الإحرامِ فيه قوْلانِ في مذهبِ أحمدَ وغيرِه، قيل: إنَّهُ كرَأْسِ الرَّجُلِ فلا يُغَطَّى، وقيل: كبَدَنِهِ فلا يُغَطَّى بالنِّقاب والبُرْقُع، ونحو ذلك مِمَّا صنعَ على قدرِه، وهذا هو الصَّحِيحُ، فإنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم لم يَنْهَ إلاَّ عنِ القُفَّازَيْنِ والنِّقاب، وكانَ النِّساءُ يُدْنِينَ على وجُوههِنَّ ما يستُرها مِنَ الرِّجال، وذلك أنَّ ما يُجافِيها عن الوجهِ؛ فعُلِمَ أنَّ وجْهَها كبدَنِ الرَّجُلِ، وذلك أنَّ المرأة كُلَّها عَوْرَة كما تقدَّمَ، فلها أن تُغطِّيَ وجْهَها لكن بغيرِ اللِّباس المَصنوع بقدْرِ العضو». ا هـ.

ومنها: حديثُ عائشةَ رضي الله عنها قالت: «كَانَ الرُّكْبَانُ يَمُرُّونَ بِنَا وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مُحْرِمَاتٌ فَإِذَا حَاذَوْا بِنَا سَدَلَتْ إِحْدَانَا جِلْبَابَهَا مِنْ رَأْسِهَا


الشرح

([1])أخرجه: البخاري رقم (1838).