وأما تبَرُّؤُكَ مِن
التأثُّرِ فيما قلتَهُ في الحِجاب بأفكار الأُمَمِ الكافرة.. فأنا أقول:
لماذا أثَرْتَ هذه المسألةَ التي المسلمون في غِنًى عن إثارتِها إلاَّ لمَّا ظهرتِ
الدعوةُ الظالمةُ إلى المُطالبة بحرِّيَّةِ المرأة والمُطالبة بحقوقِها من قِبَلِ
الكُفَّار الذين يزعمون أنَّ الإسلامَ ظلمَها، والتأثُّر بأفكارهم قد يكون قليلاً،
وقد يكون كثيرًا، والمُعافى من عافاه الله، وفي السُّكُوتِ سلامةٌ.
وقد قال النبيُّ صلى
الله عليه وسلم: «وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَاليَومِ الآَخِرِ،
فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ» ([1]). وأمَّا قولُك:
والمعروفُ أنَّ المرأةَ لا تَسْتُرُ وجْهَها وكَفَّيْها في الإحرامِ بالحجِّ،
فكيْفَ يَحْرُمُ عليها ستْرُ الوجهِ والكفَّيْنِ في العبادة؟! ويجبُ عليها
ستْرُهما في غيرِها.
فنقول: مَن قال لك: إنَّ
المرأةَ يحْرُمُ عليها سَتْرُ وجهِها وكفَّيْها بغيرِ النِّقاب والقُفَّازَيْنِ في
الإحرامِ فقد أخطأ وخالف الدَّلِيل؛ لأنَّ عائشةَ أُمَّ المؤمنين رضي الله عنها
تقولُ: «كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فإذا مرَّ بِنَا الرِّجالُ
سَدَلَتْ إِحْدَانَا خِمَارَهَا عَلَى وَجْهِهَا، فَإِذَا جَاوَزُونَا
كَشَفْنَاهُ» ([2])، وهذا في حالةِ
إحرامهِنَّ بالحجِّ مع النبيِّ صلى الله عليه وسلم فهل ما فعلْنَهُ مع النبيِّ صلى
الله عليه وسلم حرامٌ؟! وهل النبيُّ صلى الله عليه وسلم يُقِرُّ على حرامٍ؟! مَن
قالَ هذا؟! والنبيُّ صلى الله عليه وسلم لم يُحرِّم على المُحْرِمَةِ سَتْرَ
وَجهِها وكفَّيْهَا مُطلقًا، وإنَّما حرَّمَ عليها سَتْرَهُما بالنِّقابِ
والقُفَّازَيْنِ فقط.
وقولُك: إنَّ الأمورَ التي
فيها خلافٌ فِقهيٌّ ليست أمورًا قطعِيَّةً.
نقولُ: الواجبُ اتِّباع الدليلِ في جميعِ مسائل الخلافِ، قال الإمامُ
([1])أخرجه: البخاري رقم (6018)، ومسلم رقم (47).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد