وفي هذه الأيامِ
وقَعَ هذا الزِّلْزالُ في المَشْرقِ وهاجَ بسببَه البَحرُ فهَلَكتْ بذلكَ أُمَمٌ
وتَلِفَتْ فيه أموالٌ وخَرِبتْ فيها ديارٌ وكانَ الواجبُ علينا الاعتبارَ
والاتِّعاظَ ومُراجعةَ حِساباتِنا معَ اللهِ بتَصحيحِ أخطائِنا واستِغْفارِنا منْ
ذُنوبِنا، فقدْ قال تعالى: ﴿ظَهَرَ ٱلۡفَسَادُ فِي ٱلۡبَرِّ وَٱلۡبَحۡرِ بِمَا كَسَبَتۡ أَيۡدِي
ٱلنَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعۡضَ ٱلَّذِي عَمِلُواْ لَعَلَّهُمۡ يَرۡجِعُونَ﴾ [الروم: 41]، ولكنْ
بدلاً منْ ذلك نَسمعُ منْ كثيرٍ منَ النَّاسِ في وسائلِ الإعلامِ وغيرِها إرجاعَ
هذا الحادثِ على أمورٍ طبيعيَّةٍ وكوارثَ طبيعيَّةٍ، ولو كان ذلك يصدُرُ منَ
الكفَّار لم نَستغرِبْه منهم؛ لأنَّه لا ذَنْبَ أعظمُ منَ الْكفرِ وكما يقالُ: «ليسَ
بعدَ الكُفرِ ذنبٌ»، ولكنَّ المُستغرَبَ والمُستنكرَ أنْ نَسمعَ ذلك منْ بعضِ
المسلمينَ أو نَقرؤُه في كتاباتِهم، وهذا فيه تهوينٌ منْ شأنِ هذا الحادثِ بحيثُ
إنَّ النَّاسَ إذا سمعوا أو قرءوا مثلَ هذا الكلامِ لا يَتأثَّرونَ بالحادثِ ولا
يَتَّعِظونَ به كما قالَ اللهُ تعَالى: ﴿فَلَوۡلَآ إِذۡ جَآءَهُم بَأۡسُنَا تَضَرَّعُواْ وَلَٰكِن قَسَتۡ
قُلُوبُهُمۡ﴾ [الأنعام: 43]، وقال تعالى عنهم: ﴿قَدۡ مَسَّ ءَابَآءَنَا ٱلضَّرَّآءُ وَٱلسَّرَّآءُ﴾ [الأعراف: 95]،
وأيضًا في ذلك إرجاعُ الأمورِ إلى غيرِ اللهِ سُبحانه كما عليهِ الطَبائِعيُّون
الذين لا يُؤمِنون بربٍّ مُدبِّرٍ للكوْنِ، وإن كانَ المُسْلمونَ الَّذينَ
يَتكلَّمونَ أو يَكْتبونَ مثلَ هذا الكلامِ لا يَقصُدونَ هذا الْمعنى السَّيِّئ
لكنْ فيهِ سُوءُ أدبٍ معَ اللهِ، وفيهِ تغريرٌ بالجُهَّالِ، فالواجبُ علينا نحوَ
هذا الحديثِ المُفزِعِ أنْ نَتَّعِظَ ونَعِظَ ونَتَذكَّرَ ونُذَكِّرَ ونَتوبَ إلى
اللهِ منْ سَيِّئاتِ أعمالِنا، قال تعالى: ﴿ءَأَمِنتُم مَّن فِي ٱلسَّمَآءِ أَن يَخۡسِفَ بِكُمُ ٱلۡأَرۡضَ
فَإِذَا هِيَ تَمُورُ ١٦ أَمۡ أَمِنتُم مَّن فِي ٱلسَّمَآءِ أَن
يُرۡسِلَ عَلَيۡكُمۡ حَاصِبٗاۖ فَسَتَعۡلَمُونَ كَيۡفَ نَذِيرِ﴾ [الملك: 16- 17].
يجبُ على العلماءِ
والدُّعاةِ والخطباءِ أن يُذَكِّروا النَّاسَ دائمًا
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد