ولمَّا كانَ
الإنسانُ عُرْضَةً للنَّقْصِ والخَطَأِ في العبادةِ أمَرَ اللهُ بالاستغفارِ وهو
طَلَبُ المغفرةِ منَ النَّقْصِ والتَّقْصِيرِ والخَطأِ الَّذي يَقَعُ في أداءِ
المَناسكِ فقالَ: ﴿وَٱسۡتَغۡفِرُواْ
ٱللَّهَۚ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ رَّحِيمٞ﴾ [البقرة: 199]،
فاطْلُبُوا منهُ المَغْفِرَةَ لذُنُوبِكم وتَقْصِيرِكُم فإنَّه سُبحانَه كثيرُ
المَغفرةِ والرَّحمةِ لمَنِ اسْتغفرَهُ وتَابَ إليهِ، ثمَّ كرَّرَ الأمْرَ
بذِكْرِه بعدَ قضاءِ المَناسِكِ بأنواعِ الطَّاعاتِ والقُرُباتِ ومُواصلةِ ذلكَ
بحيثُ لا يقولُ الإنسانُ: إنَّه بعدَ قضاءِ المَناسكِ يَنتَهي الذِّكْرُ وأنَّه قد
أدَّى ما عليه أو يَنشَغلُ بذِكْرِ مآثِرِهِ ومآثِرِ أبْنَائِه مُتفاخِرًا بذلكَ
كما كانتِ الجاهليَّةُ تَفعَلُه بحيثُ إنَّهم إذا فَرَغوا منَ المَناسكِ انشَغلوا
يَتَفاخَرونَ بذكْرِ مَآثِرِهم ومَآثِرِ آبائِهم وقَبائِلِهم، قال تعالى: ﴿فَإِذَا قَضَيۡتُم
مَّنَٰسِكَكُمۡ﴾ [البقرة: 200]، أي: فَرَغتم منْ أداءِ مَنَاسكِ الحجِّ ﴿فَٱذۡكُرُواْ ٱللَّهَ﴾ [البقرة: 200] أي:
داوِموا على ذِكْرِ اللهِ بعدَ ذلكَ ﴿كَذِكۡرِكُمۡ ءَابَآءَكُمۡ﴾ [البقرة: 200] افتخارًا
بِهم؛ لأنَّ ذِكرَ اللهِ يُعَقِّبُ لكم السَّعادةَ في الدُّنيَا والآخرةِ بخلافِ
التَّفاخُرِ بمَآثِرِ آبائِكم وأجدادِكم فإنَّ ذلك لا يُجْدِي شيئًا كما قال
الشاعر:
إنَّ الْفَتَى مَن يَقُولُ هَا أَنَا ذَا *** لَيْسَ الْفَتَى مَن يَقُولُ
كانَ أَبي
بل إنَّ العبْدَ
يَنبغي لهُ أنْ يُكْثِرَ منْ ذِكرِ اللهِ أكثَرَ مِن ذِكرِه لآبائِه ﴿أَوۡ أَشَدَّ ذِكۡرٗاۗ﴾ [البقرة: 200].
ثم ذكر سبحانه
انقسامَ النَّاسِ في مَطالِبِهم من رَبِّهم في هذه المَواقفِ العظيمةِ، فمنْهم من
لا يَطْلُبُ إلاَّ مَطامِعَ الدُّنيا الْعَاجلةِ فيقولونَ: الَّلهمَّ اجعلْ هذا
العَامَ عامَ خَصْبٍ وغِنًى، أو الَّلهمَّ أَعطِني مَالاً وَبنينَ وما أشْبَهَ
ذلكَ من مَطالبِ الدُّنيا ﴿فَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَقُولُ رَبَّنَآ ءَاتِنَا﴾
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد