إصلاحًا كما قال اللهُ تعالى: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمۡ لَا
تُفۡسِدُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ قَالُوٓاْ إِنَّمَا نَحۡنُ مُصۡلِحُونَ﴾ [البقرة: 11]،
ويُسمُّون الفَوْضى والإَْباحةِ دِيمُقراطيَّةً ويُسمُّون الخُروجَ منَ الدِّينِ
حُرِّيَّةً في الرَّأي والْعقيدَةِ، وربَّما يَنخَدِعُ بدِعَاياتِهم الأغرارُ
والجُهَّالُ، ويفرحُ بها المنافقون والَّذين في قلوبِهم مَرَضٌ والأشرارُ، ولا
مُنقِذَ للمسلمينَ اليومَ من شرِّ أولئكَ إلاَّ التمسُكُ بالإسلامِ الذي أُنقِذَ
به الْبشريَّةُ من الجاهليَّةِ، ولا يُصلِحُ آخرَ هذه الأمَّةَ إلاَّ ما أصلَحَ
أوَّلَها، وهو التمسُّكُ بالإسلامِ عقيدةً وعبادةً ومُعاملةً وأخلاقًا وسُلوكًا
وذلك لا يتحقَّقُ إلاَّ بمعرِفةِ أحكامِه وتفهُّمِ معانِيه وذلك بإقامةِ مناهجِ
الدِّراسةِ على علومِ الشَّريعةِ منْ توحيدٍ وفقهٍ وتفسيرٍ وحديثٍ ولغةٍ عربيَّةٍ
بحيثُ نتمسَّكُ بالمناهجِ الدِّراسيَّةِ الَّتي رَسَمَها لنا علماؤُنا وسِرْنا
عليها وتخرَّجتْ عليها أجيالُنا لأنَّها ثَوَابتٌ لا تَقبلُ التَّغييرَ ولا
الْخلطَ ولا الحذفُ أو الاختصارُ، وقد استنفَرَ اللهُ المسلمينَ لتعلُّمِ أحكامِ
الدِّينِ وتعلِيمِها للمسلمينَ، فقال تَعَالى: ﴿وَمَا كَانَ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّةٗۚ فَلَوۡلَا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرۡقَةٖ مِّنۡهُمۡ طَآئِفَةٞ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي ٱلدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ
قَوۡمَهُمۡ إِذَا رَجَعُوٓاْ إِلَيۡهِمۡ لَعَلَّهُمۡ يَحۡذَرُونَ﴾ [التوبة: 122] ؛
لأنَّه لا يكفِي التَّسمِّي بالإسلامِ دونَ معرفةٍ لأحكامِه وعملٍ بشرائعِه وتمسُّكٍ
بأخلاقِه وسُلوكِيَّاتِه كما يُريدُه منَّا أعداؤُنا وأذنابُهم النَّاعقينَ
بأصواتِهم.
قال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم لعليِّ بنِ أبي طالبٍ رضي الله عنه لمَّا أعطاهُ الرَّايةَ يومَ خيبرَ في حربِ اليهودِ: «انْفُذْ عَلَى رِسْلِكَ حَتَّى تَنْزِلَ بِسَاحَتِهِمْ ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الإِْسْلاَمِ وَأَخْبِرْهُمْ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ مِنْ حَقِّ اللهِ تَعَالَى فِيهِمْ» ([1])، فلم يكتفِ صلى الله عليه وسلم بدَعوتِهم إلى الإسلامِ ثمَّ إذا أسلموا تركَهم، بل قالَ له:
([1])أخرجه: البخاري رقم (2942)، ومسلم رقم (2406).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد