في القبورِ بصنيعِ
هذهِ الأشياءِ التي ذكرتها حولَها يُصيِّرُها ولو على المدَى البعيدِ أوثانًا
تُعبَدُ من دَونِ اللهِ كما هو الواقعُ الآنَ في بعض البلادِ الأخرى، وما الذي
أحدثَ الشِّركَ في قومِ نوحٍ إلاَّ الغلوُّ في الصالحينَ وفي صُورهم وقبورِهم؛
ولهذا قالَ صلى الله عليه وسلم: «اللَّهُمَّ لاَ تَجْعَلْ قَبْرِي وَثَنًا
يُعْبَدُ» ([1]). وقال صلى الله
عليه وسلم: «لاَ تَجْعَلُوا قَبْرِي عِيدًا وَصَلُّوا عليَّ؛ فإِنَّ
صَلاَتَكُمْ تَبْلُغُنِي حيْثُ كُنْتُمْ» ([2])، فيُصلِّي المسلمُ
على الرَّسولِ في أيِّ مكانٍ من الأرضِ، ولا يَحتاجُ إلى التردُّدِ على قبرِه
لأجلِ الصَّلاةِ عليه، ولما قال لهُ صلى الله عليه وسلم جماعةٌ حديثو عَهْدٍ
بالإسلامِ: اجْعَلْ لَنَا ذَاتَ أَنْوَاطٍ كَمَا لَهُمْ ذَاتُ أَنْوَاطٍ. يعنُون:
المشركينَ الَّذين يتَبَرَّكون بشجرةٍ، قَالَ صلى الله عليه وسلم: «قُلْتُمْ
وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ كَمَا قَالَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ لِمُوسَى: ﴿ٱجۡعَل لَّنَآ إِلَٰهٗا كَمَا لَهُمۡ ءَالِهَةٞۚ﴾ [الأعراف: 138] » ([3]) فتعظيمُ الآثارِ
والقبورِ والأشجارِ يَجعَلُها آلهةً كآلهةِ المشركينَ. وقبرُ أُمِّنا خَديجةَ رضي
الله عنها نَزورُه للسَّلامِ عليها والدُّعاءِ لها كسائرِ القبورِ دونَ أنْ
نَعمَلَ حولَه سيراميكًا وواجهاتِ تجميلٍ ودعاياتٍ ولَسْنا بأشدِّ حِرْصًا على
احترامِ أمِّ المؤمنين ومحبَّتِها من رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم والصَّحابةِ
وسَلفِ هذه الأُمَّةِ، ولم يعملوا حَوْلَ قبرِها هذا العملَ الذي ذكرتَه ودافعْتَ
عنه أيُّها الكاتبُ. وكيف تستنكِرُ الغُلُوَّ وأنتَ تدعو إليهِ في قولِك هذا.
خامسًا: قال الكاتبُ: «العالَمُ صعَدَ إلى القمرِ واخترَعَ المسافاتِ وسرَقَتْهُ التكنولوجيا، سريعةُ الخدماتِ، ولكن يَتَبَقَّى لدَى المسلمين
([1])أخرجه: مالك رقم (85).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد